قبل أن أتحدث عن حلبة هذا القائد وما يعنيه اليوم بعد إصابته بجلطةٍ في قلبه حين كان متواجداً في قلب المعركة في ضالع الصمود سأعرج قليلاً الى التاريخ العريق لهذا الرجل الذي عرفته ساحات الوغى منذ أن خيم ظلام يوليو الأسود على شعب الجنوب وفي كافة مراحل النضال مع أني أعرف جيداً أنني مهما تحدثت عن قائد بحجم عبدالله مهدي سعيد فلن أوفيه حقه ... نعم لم أبالغ حين أقول أن هذا الاسم يخفي خلفه حكايات وطنٍ سليبٍ وروايات رجالاً عاشوا جُلَّ حياتهم لأجل حريته ... عبدالله مهدي سعيد رجل الحرب والسلم كان ومازال رقماً صعباً في معادلة النضال الوطني ضد مستعمرٍ عاث في الأرض فساداً. الرجل كان من أوائل القيادات العسكرية الجنوبية التي دافعت عن الجنوب منذ الوهلة الأولى في حرب الإجتياح عام 94 حتى نهاية المعركة وانتصار الغازي الأقوى حينها، كان أبو ماجد من القيادات الكفؤة التي سعى نظام صنعاء لتحييدها عن المشهد العسكري وتسريحهم منه ...، -أمكن بعدها رأى أبو ماجد الا مكانة للبقاء تحت رحمة الغزاة دون مقارعتهم بما ذهب عبدالله مهدي ورفاقه الأحرار أمثال عيدروس الزبيدي وعزيز الهدف ومحمد ناجي سعيد وقائد عقلان ومحمود طالب والشهيد علي قائد المعكر والشهيد أحمد محمد ناصر والشهيد الرمزي والزُبيدي وغيرهم كثر الى تأسيس حركة موج وبعدها حركة تقرير المصير ( حتم ) وتبنت الحركتين الكفاح المسلح ضد المحتلين ... - بعدها انطلق الحراك السلمي الجنوبي وكانت جمعية المتقاعدين الجنوبيين هي نواته الأولى والتي تزعم راية تأسيسها د. عبده المعطري وعند انطلاقته كان بن مهدي من أبرز مؤسسيه وشغل منصب رئيس حركة نجاح وعند دمج المكونات شغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة بعد تنازله بمنصبه للمناضل شلال علي شايع الذي كان حينها رئيسا للمجلس الوطني لتحرير الجنوب ... وفي عام 2015 وبعد أن كشَّر الطغاة أنيابهم لاجتياح الجنوب من جديد وتعزيز احتلاله كان عبدالله مهدي من أبرز الرجال المخلصين الذين تأهبوا للذود عن الجنوب والدفاع عن بوابته الشمالية ( الضالع )... ذات يوم قبل بداية المعركة بعدة أيام وجدتُ المناضل عبدالله مهدي ومعه المناضل محمد ناجي سعيد في عدن بالقرب من إحدى مخازن الذخيرة وهما يحملان الذخيرة وينقلونها الى إحدى المركبات الصغيرة لنقلها الى الضالع وتعزيز الجبهة هناك قبل اعتقال اللواء الصبيحي بأيام وبالتنسيق معه ... وصل المناضل بن مهدي وبعدها اشتدت المعركة في الضالع وكان في الصفوف الأولى وشاءت الاقدار أن يصاب المناضل بن مهدي بجلطة في القلب كادت أن تودي به للوفاة وكان حينها يحمل مع رفاقٌ له سلاح الدوشكا لنقلها الى موقع الحميراء المطل على مدينة الضالع ، - ترك عبدالله مهدي فراغاً كبيراً وافتقد لدوره رفاقه الأبطال الذين كانوا يرونه الساعد الأيمن لهم والعقل العسكري الراجح الذي تتفكَّك على يديه المعادلات العسكرية الصعبة . - كان صعباً على هؤلاء الرفاق هذا الحدث فلقد افتقدوا موَجِّهاً وحكيماً في ضرفٍ صعب هناك في جبهة العرشي الصمود بالعرشي لكنهم واصلوا صمودهم وخسروا فرساناً آخرين بنفس الجبهة ليس أقلَّهم الشهداء القادة علي عبداللاه ( الخويل ) وهيثم الدب وعلي الرجال وأسد المدينة أياد الخطيب وقبلهم الشهيد القائد فارس الضالعي والتحق بالجرحى القائد الجريح ناصر مسعد والقائد الجريح عزيز الهدف ... - ستة أشهر منذ ذلك الحين ومازال المناضل البارز عبدالله مهدي طريحا في منزله ولم يتمكن من المغادرة الى الخارج وأمثاله كثر من الجرحى رغم الأهمية القصوى لنقله بأسرع وقت كون حالته الصحية باتت صعبة وكل يومٍ يمر تزداد سوءً ...
-يتساءل كثيرون لماذا هذا التجاهل تجاه قيادات كانت السباقة في ركب الثورة وكان دورها الأبرز بمختلف المراحل ... هاهو الموت يقترب كل لحظة من أبي ماجد نتيجة لخطورة حالته ولم يستطع السفر الى الخارج بينما بكل يُسرٍ يتزاحم البعض من ذوي العصمة النضالية الى عاصمة الحزم في الرياض ممن لا ننكر دورهم لكننا نتعجب من عدم اكتراثهم لموضوع الجرحى ودون أن يسألوا أنفسهم من أهم أن يسافر هُم أم الجرحى في الحالات الصعبة والمهددون بالموت كل لحظة؟؟؟ وأين السلطة الشرعية كما تسمي نفسها من موضوع الجرحى الذي يعتبر بن مهدي واحدٌ من المئات من أمثاله ولماذا كل هذا التجاهل تجاه أناسٍ سالت دماؤهم وكان الموت على شفى أن يصافح أبدانهم ؟؟؟!! هنا نطرح سؤالا بديهيا لكل عشاق الحرية في وطننا الحبيب، أهكذا يجازى المخلصون؟؟!!