كل يوم يمر في المحافظاتالمحتلةجنوب وشرق اليمن وبعض المناطق الساحلية تتكشف صور جديدة من صور الصراع في إطار التسابق بين السعودية والإمارات على النفوذ والسيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة اللتين باتتا القشة التي قصمت ظهر الرياض بعد رفض أبوظبي سحب مليشياتها من المناطق التي تسيطر عليها في حضرموت والمهرة وتجاهلها للبيان الصادر عن الخارجية السعودية والضربات التحذيرية التي قامت بها الطائرات الحربية السعودية في وادي نحب بحضرموت الجمعة الماضية وأسفرت عن إصابة بعض العناصر التابعة لما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم إماراتياً. 26 سبتمبر – خاص التوتر القائم بين السعودية والإمارات تحول من خطاب إعلامي إلى التحذير بالتدخل عسكرياً لإخراج مليشيات الانتقالي التي تصر على التشبث بالمواقع التي سيطرت عليها في حضرموت والمهرة بشكل سهل دون أية مواجهة تُذكر من القوات المدعومة من السعودية «درع الوطن» أو من قبل قوات المنطقة العسكرية الأولى التي كانت ضحية لما يسمى المجلس الرئاسي الذي تجاهل تحركات الانتقالي صوب حضرموت والمهرة ولم يصدر أي توجيهات لتلك القوات بالرد على مليشيات الانتقالي أو محاولة إسنادها بالطائرات لتكشف عن النوايا المبيتة للتخلص من تلك القوات التي يُقال إنها تتبع ما يسمى «الإخوان المسلمين.» في حين أن العبث طال كل مؤسسات الدولة والمواطنين في حضرموت والمهرة الذين تعرضت محلاتهم للنهب والسرقة وانتهاك السيادة بعد رفع شعار الانفصال على مباني المؤسسات التي تسيطر عليها قوات موالية للإمارات وترفض الانسحاب منها ومن المواقع العسكرية أيضا. هل تتورط السعودية مجدداً؟ بعد فشل اتفاق الرياض الذي كان الانتقالي جزءاً منه وعدم جدوى اللقاء بين وفدي الإمارات والسعودية في عدن يبدو أن السعودية باتت تشعر بالخطر والورطة بعد أن أصبحت الإمارات ترى نفسها أكبر من السعودية التي جاءت بها إلى جانبها كمساعد ضمن تحالف حربها العدوانية على اليمن وبعد الضربات التحذيرية التي قامت بها الطائرات السعودية في وادي نحب بحضرموت شعرت أنها قد دخلت في ورطة جديدة بشنها عدوان على حضرموت خارج الأطر الشرعية فأوعزت إلى رشاد العليمي الذي عينته على رأس ما يسمى «المجلس الرئاسي» ليقدم طلبا من السعودية بالتدخل عسكريا لحماية أبناء محافظتي حضرموت والمهرة .. حتى تشرعن لخوض معركة برية وجوية للقضاء على ما تقول أنه تمرد وتحرك أحادي الجانب خارج عن « الشرعية «. وأمام طلب رشاد العليمي بتدخل عسكري لحماية أبناء حضرموت والمهرة رأى ناشطون ومتابعون أن العليمي قدم الطلب حسب ما تم كتابته من قبل النظام السعودي لأنه أغفل حال المواطنين في كل من شبوة وسقطرى وأبين وعدن وغيرها من المحافظاتالمحتلة في جنوب الوطن . كما يرون أن هذا الطلب والغطاء الهش قد أوصل رسالة مفادها أن أطماع السعودية تتركز بدرجة رئيسية في محافظتي حضرموت والمهرة اللتين ترى فيهما عمقا جغرافيا لها إضافة إلى أطماع قديمة جديدة . الفارق في القوة بين طرفي الصراع السعودية من حيث قدراتها الدفاعية وعمقها الجغرافي ومكانتها الإقليمية المؤثرة على قرارات المجتمع الدولي تبدو أقوى من الإمارات من حيث القوة العسكرية والثقل السياسي على مستوى المنطقة والعالم ولكن ما الذي جعل الكفة تميل لصالح دويلة الإمارات التي ظهرت فجأة لتمارس دورا أكبر من حجمها وتغدر بالسعودية شريكتها في التآمر على اليمن والعدوان عليه . بالعودة إلى قراءة المشهد من خلال التحركات على الأرض تبدو الإمارات أنها بنت قوات موالية لها أكثر احترافا وتدريبا من القوات التي أنشأتها السعودية التي اعتمدت على الجانب السياسي وشراء ولاءات القبائل أكثر من بناء قوة حقيقة على الأرض وهذا ما يشير إلى أن السعودية تعاني من خلل في منظومة القيادة بشكل عام سواء على الملف اليمني أو بقية الملفات العربية وحتى مستوى الداخل السعودي . محاولة في الوقت بدل الضائع إلى جانب التحذيرات الخطابية والعسكرية بالطائرات عملت السعودية على حشد رأي عربي ودولي مساند لها ولخطتها ومطالبتها بخروج مليشيات الانتقالي من حضرموت والمهرة وتمكين رشاد العليمي من ممارسة ما تسميه الشرعية الشكلية من خلال المجلس الرئاسي الذي تصدع وبات كل عضو يهيم في واد بشرعية مفصلة على مقاس كل منهم . وتسعى الرياض من خلال التحركات السياسية والعسكرية إلى استعادة هيبتها التي باتت تتلاشى تدريجيا أمام مكر ودهاء الإمارات التي تمارس سياسة خطيرة في تحقيق أجندتها المرتبطة بالصهيونية بالاستحواذ على كامل جنوباليمن وإخراج الرياض من المشهد اليمني والسوادني والسوري أيضا . التدخل الثاني بعد فشل التدخل العسكري السعودي في اليمن مطلع العام 2015م تحت مبررات واهية عبر ما أسمته «تحالف دعم الشرعية» هل تتورط السعودية وتتجرع الفشل مجدداً تحت التدخل عسكرياً بناءً على طلب من رشاد العليمي بشكل يذكر بالطلب الذي نسبته السعودية للرئيس الأسبق عبد ربه منصور هادي بعد أن شنت غارات جوية على العاصمة صنعاء ليلة ال 26 من مارس عام 2015 . يرى خبراء ومحللون سياسيون أن السعودية إن لم تكن حازمة في كبح جماح الإمارات فإنها ستفقد مكانتها التي كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد بناها على الوهم بعد جولات مكوكية وإظهار الرياض كمنقذ وساعٍ إقليمي للوساطة بين كل من روسيا وأوكرانيا معتمداً على اتفاقيات الحماية الأمنية من قبل أمريكا التي عقدت معها أيضاً صفقات لشراء أسلحة ومنظومات دفاع جوي وطائرات حديثة بعشرات المليارات من الدولارات. وبالنظر إلى العمق الديموغرافي والجغرافي للإمارات ومساحاتها الجغرافية التي لا تعادل نصف مساحة محافظة حضرموت فإن قدراتها وتاريخها لا يؤهلانها لمنافسة السعودية ورفض الانصياع لتحذيراتها ومطالبات المجتمع الدولي ودول الخليج العربي وعدد من الدول العربية التي أكدت في بيانات عبر خارجياتها على أهمية الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن وضرورة استجابة الإمارات للبيان السعودي القاضي بسحب القوات المدعومة من قبلها من محافظتي حضرموت والمهرة.. لكن الإمارات أمام كل هذا الإجماع العربي والأممي لا تزال تتحدى وترفض التجاوب على الرغم من بيانها الذي ادعى الترحيب بالبيان السعودي في حين تواصل دعمها بشكل علني بالسلاح للقوات التابعة لما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي يديره بواسطة عيدروس الزبيدي. تحدٍ سافر الغطرسة التي ظهر بها محمد بن زايد حاكم الإمارات أمام تحذيرات بن سلمان التي وصلت لشن غارات جوية تشير بوضوح أن بن زايد ينتهج نهج كيان العدو الصهيوني الذي لا يبالي بقرارات الأممالمتحدة وبيانات الإدانة والشجب العربية لجرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذا جانب، ومن جانب آخر يرى محللون سياسيون وباحثون أن بن زايد يعمل على تنفيذ الأجندة الصهيونية للاحتلال الإسرائيلي من خلال الدعم للمجلس الانفصالي في جنوباليمن (المجلس الانتقالي) ودعم قوات ما يسمى قوات الدعم السريع وحميدتي في السودان حتى يمهد لتوسع كيان العدو الصهيوني ببناء قواعد عسكرية في أهم المواقع الاستراتيجية في جنوباليمن وفي السودان أيضاً. هذا الدور المكشوف للإمارات وضع السعودية في موقف محرج بعد أن فقدت هيبتها ومكانتها الدولية وفندت المزاعم التي على ضوئها قامت بشن عدوان غاشم دام لعقد من الزمن ولا تزال تداعياته من الحصار على اليمن قائمة حتى اللحظة، مما يضع المجتمع الدولي أمام تحدٍ جديد والتزام أخلاقي وقانوني وإنساني إزاء العبث في المحافظاتالمحتلة في جنوباليمن ومشاريع تقسيم اليمن بشكل يمثل تحدياً سافراً للقانون الدولي ومسؤولية الأممالمتحدة ومجلس الأمن الذي أكد في عدد من قراراته على وحدة واستقرار اليمن. تركة الرجل المريض التدخل الإماراتي في كل من السودان والقرن الإفريقي والتجاهل التام للدور السعودي يوحي أن بن زايد قد يتسبب بقسمة تركة «الرجل المريض» (سلمان بن عبد العزيز) الذي وضع ابنه محمد ولياً للعهد وظهر في تصرفاته صبياً طائشاً يعيش مرحلة الطفولة السياسية لا يفقه في أبجدياتها شيئاً بعد الضربات التي باتت تنهال عليه من شريكه في العدوان على اليمن حاكم الإمارات محمد بن زايد الذي يقترب من الحدود السعودية عبر توطين القوات الموالية له فيها. وفي هذا السياق لا يُستبعد أن تدور الدائرة على النظام السعودي الذي خلق مشهد الفوضى في اليمن والمنطقة العربية وفشل عن إيجاد الاستقرار فيها وإنما مهد لفوضى ودمار وإشعال نيران قد تصل شرارتها إلى الرياض لتشعل النار هناك ويصعب على بن سلمان إطفاؤها ويصبح فريسة سهلة للأطماع الأمريكية والصهيونية التي تهاجم النظام السعودي جهاراً نهاراً دون أن نسمع أي ردة فعل تجاه الغطرسة الصهيونية بحق السعودية وشعبها وبحق الشعب الفلسطيني المظلوم المحتل والمحاصر من قبل العصابات الصهيونية .