من خلال متابعة تطورات الأحداث الأخيرة التي تشهدها المحافظات المحتلة جنوب وشرق الوطن ومنها محافظاتعدنوحضرموت والمهرة التي ترزح تحت سيطرة وكلاء الاحتلال البريطاني والأمريكي (السعودية والإمارات) ومعهما العملاء والمرتزقة المحليين الذين تم وضعهم على رؤوس كيانات ومسميات لا شرعية تعمل لصالح المحتل الذي يمولها ماديا وعسكريا تتضح خيوط المؤامرة على اليمن ووحدته وأمنه واستقراره مجدداً كاشفة عن الأجندة الخفية للغزاة والمحتلين الجدد. 26 سبتمبر – خاص خليط عمالة وارتزاق رخيص شكلته السعودية والإمارات خارج إطار الدستور اليمني تحت مسميات (المكتب السياسي لحراس الجمهورية، المجلس الانتقالي الجنوبي , المجلس الرئاسي , مجالس وطنية) وجعلت على رأس هذا الخليط المليشاوي ما أسمته رئيس المجلس الرئاسي المدعو رشاد العليمي وإلى جانبه ثمانية أعضاء في هذا المجلس الشكلي الذي بواسطته تعمل السعودية والإمارات على تمرير مخططاتها الهادفة للسيطرة والاحتلال والتمزق لليمن وتشرعن لكل تحركاتها وقرارتها أمام المجتمع الدولي عبر شماعة العليمي ومن على شاكلته . فصائل عسكرية متعددة إلى جانب هذا الكيان السياسي الهش متعدد الأفرع والهويات والانتماءات أنشأت ومولت الرياض وأبو ظبي مليشيات مسلحة متعددة تحمل أسماء عدة منها على سبيل المثال ما يسمى (قوات درع الوطن , حراس الجمهورية , قوات المجلس الانتقالي الجنوبي , النخبة الحضرمية , النخبة الشبوانية , الجيش الوطني) إلى جانب الأحزمة الأمنية والتشكيلات الأخرى التي ترفع كل منها شعارا مختلفا عن الآخر لكنها في نهاية المطاف تعمل على تنفيذ أجندة الاحتلال السعودي والإماراتي . شعارات زائفة كل جماعة تزعم أنها تعمل من أجل السيادة الوطنية فيما يكشف تناقض أفعالها مع الأقوال حقيقتها بشكل فاضح وهذا ما تجسد من خلال السير وفق الخارطة التي رسمتها السعودية والإمارات للتشكيلات التابعة لها فعلى سبيل المثال يدعي طارق عفاش الذي يتعنى بالجمهورية حرصه على وحدة الوطن فيما تحركاته على الأرض تخدم الإمارات وكذلك هو حال عيدروس الزبيدي الذي يعمل على ترجمة المشروع الإماراتي في تفتيت مناطق جنوب الوطن تحت مسمى إقامة دولة الجنوب العربي في حين تدعم الرياض فصل حضرموت عن اليمن تحت مسمى حكم ذاتي مستقل لا يرتبط بشمال الوطن أو جنوبه . وفي المقابل تدعي جماعات الإخوان المسلمين ( حزب الإصلاح ) أنها الممثل الوحيد للشرعية لكن في نهاية المطاف كل هذا المسميات باتت تتحرك وتنفذ مهامها وفق ما تحدده لها كل من الرياض وأبو ظبي وبات واضحا كل الوضوح مدى عمالة تلك القيادات التي تعمل لصالح المحتل الذي يتمدد اليوم بواسطة المرتزقة المحليين في شرق اليمن في حضرموت والمهرة وتثبت مواقعه في الساحل الغربي وفي جزيرة سقطرى كبرى الجزر اليمنية ذات الأهمية والبعد الاستراتيجي على مستوى المنطقة. تدخل سافر التدخل السعودي السافر في شؤون اليمن تجاوز الحدود ليتحول إلى احتلال مباشر للأرض في محاولة واضحة لسلخ المناطق الشرقية عن الجسد اليمني والسيطرة عليها ونهب خيراتها وثرواتها . والتحركات السعودية التي تشهدها مناطق شرق وجنوب اليمن تذكر بالأطماع السعودية القديمة الهادفة إلى احتلال حضرموت ومن ذلك ما قامت به الدولة السعودية الأولى عام ( 1746- 1818م) التي حاولت ضم حضرموت إليها وفي عهد السلطان الكثيري جعفر بن علي بن عمر قدم الوهابيون عام 1806م , عن طريق العبر في حملة استطلاعية , وفي سنة 1809م جاء الوهابيون للمرة الثانية غزاة لحضرموت مع مرتزقة من يافع وبعض جماعات من أهل حضرموت . مواقف عدائية إلى جانب ذلك عارضت السعودية مشروع ثوار 14 أكتوبر لأنها كانت تتخوف من قيام حكم وطني على حدودها لكن حقيقه معارضتها أن وجود دولة وطنية واحدة ومستقلة توحد جميع السلطنات والإمارات والمشيخات من شأنها أن تقف في وجه أطماع الرياض في السيطرة على حضرموت . ولذلك فقد اتخذت السعودية عددا من المواقف المعارضة للحركة الوطنية , فأعلن ممثلها في الأممالمتحدة حسن تفهمها للإجراءات البريطانية , وأن بريطانيا تصرفت بحكمة فيما يتعلق بالمشكلة . كما إنها كانت على صلة مستمرة مع حكام - ما يسمى اتحاد الجنوب العربي – الذين زاروا السعودية أكثر من مرة وتلقوا العون والدعم منها - خاصة حكام حضرموت - وكذلك مع المسؤولين البريطانيين الذين كانوا على صلة دائمة بالسعودية ويطلعونها على تطورات الموقف في جنوب اليمن. وفي هذا السياق أكد تريفليان آخر مندوب سامي بريطاني في عدن أن أية خطوات في الجنوب يجب أن يلاحظ موقف السعودية منها . وقد تبنت السعودية حزب» رابطة الجنوب العربي» وقدمت لها المساعدات لمعارضة الثورة المسلحة في الجنوب , ومارست ضغوطا كبيرة في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم من أجل إشراك كافة الفئات الوطنية في الجنوب في الحكم بعد الاستقلال , فدعت إلى تشكيل حكومة الجنوب بحيث يكون للرابطة والسلاطين ثلاثة أخماس وتتقاسم الجبهتان البقية» الجبهة القومية , وجبهة التحرير» . وذكر» عبد القوي مكاوي» الأمين العام لجبهة التحرير في مقابلة له مع مجلة» روز اليوسف» : إن كمال أدهم حاول إقناعه بقيام حكومة ائتلافيه تضم السلاطين والرابطة وعدد من قادة الجبهة» . وقد استنكرت الجبهتان القومية والتحرير مواقف المملكة العربية السعودية وأصدرت عددا من البيانات بهذا الخصوص. أطماع بلا حدود برزت أطماع السعودية والإمارات في جنوب الوطن بشكل واضح للعيان من خلال التنافس على الاستحواذ على الجزر والموانئ وبسط النفوذ على مكامن الثروة النفطية والمعادن التي تزخر بها حضرموت والمهرة وسقطرى وباتت تتصارع في بسط النفوذ بواسطة العملاء والمليشيات المسلحة التي أنشأتها إلى جانب التحالف مع شيوخ القبائل في تلك المحافظات التي تعمل لصالحها وتنفذ أجندتها بشكل علني . غطاء للاحتلال التطورات التي شهدتها محافظتي حضرموت والمهرة وسيطرة مليشيات (الانتقالي ودرع الوطن) على وادي حضرموت ومطار سيئون والقصر الجمهوري ومقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى والمعسكرات التابعة لها والتقدم صوب المهرة وتسلم المعسكرات والمؤسسات الحكومية التي رفعت عليها علم الانفصال في عدن أيضا وإسقاط علم الجمهورية اليمنية في تلك المحافظات كلها أمور تضع تساؤلات عدة من بينها : - ما هو موقف المجتمع الدولي الذي شرعن الحرب العدوانية على اليمن تحت مسمى إعادة الشرعية والحفاظ على أمن ووحدة واستقرار اليمن فيما الواقع الميداني يشهد تمزيقا واضحا لليمن بواسطة السعودية والإمارات التي تدعي أنها جاءت لإنقاذ اليمن مما تسميه (الجماعات الإرهابية والمد الإيراني ) . - لماذا صمت ما يسمى بالمجلس الرئاسي على تدمير مقدرات الوطن ونهب أسلحة القوات المسلحة في حضرموت وانتهاك حرمات المواطنين والتصفية المناطقية التي تشمل ترحيل أبناء المحافظات الشمالية من حضرموت والمهرة ومحافظات جنوب اليمن . - لما تعالت الأصوات التي تدعي أنها ( جمهورية ) لتأييد مليشيات الانتقالي التي تنهب الممتلكات العامة والخاصة وتدوس على علم الجمهورية اليمنية وتستبيح الحرمات بشكل قبيح وبشع لا يمت لأخلاق اليمنيين بصلة . كواليس الاتفاق فيما الإمارات تحاول فرض تواجدها بالقوة عبر مليشيات»الانتقالي وحراس الجمهورية» تواصل السعودية تحقيق أطماعها بواسطة الأدوات المحلية من السياسيين والعسكريين العملاء وشيوخ القبائل المتحالفة معها إلى جانب الاتفاق وراء الكواليس مع الإمارات على تقاسم مناطق النفوذ في المناطق الغنية بالنفط والثروات المعدنية والمواقع الاستراتيجية في اليمن . فمن خلال حديث رئيس اللجنة الخاصة المعنية باليمن محمد بن عبيد القحطاني في اجتماعه مع السلطة المحلية والمشائخ في حضرموت يتضح أن ما حصل من تقدم مفاجئ صوب حضرموت والمهرة من قبل مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي كان قد تم الاتفاق عليه مسبقا خلف الكواليس بين نظامي الإمارات والسعودية وبالتشاور مع القادة العملاء في المجلس الرئاسي الشكلي الذي صمت واكتفى بالمشاهدة لما يحصل في جنوب الوطن المنهك الذي يفتقد إلى سطلة مركزية تعمل بقرار مستقل بعيدا عن الوصاية الخارجية . التسليم ل«درع الوطن» خلال لقاء رئيس الوفد السعودي، رئيس اللجنة الخاصة»القحطاني» مع الوجهاء والأعيان والمشائخ والقيادات السياسية والاجتماعية والشخصيات القبلية والاعتبارية والقيادات الأمنية والعسكرية بحضرموت قال :» نطالب بعودة جميع القوات التي قدمت من خارج حضرموت إلى معسكراتها، وتسليم المواقع التي ستخرج منها إلى ما أسماه» قوات درع الوطن» .. وهذا ما يكشف عن أول فصول المسرحية التي ستتابع لاحقا في حضرموت والمهرة وأبين ومناطق عدة في الجنوب المحتل . «فرق تسد» تحت شعارات سياسة مخادعة وعدائية تستهدف اليمن واليمنيين تعمل السعودية والامارات على تطبيق سياسة»فرق تسد» التي استخدمها الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن لإثارة النعرات المناطقية بين القبائل ومساندة الموالية له ضد القبائل الرافضة للاحتلال ولذلك فتسريب الإعلام السعودي وترويجه لشائعات أن التقدم مليشيات الانتقالي صوب حضرموت يهدف للقضاء على جماعة»الإخوان وكذا منع تهريب الأسلحة إلى صنعاء» هذه المبررات الواهية تعكس فشل وتخبط النظامين السعودي الإماراتي وقادة الكيانات العملية . حرف البوصلة صمت من يسمون أنفسهم قادة في المجلس الرئاسي وغيره من المسميات عما يحصل في حضرموت من نهب وبيع لأسلحة الشعب وانتهاك للحرمات وصمة عار أي كانت الذرائع التي يتذرعون بها ففي نهاية المطاف من كانوا يتواجدون في معسكرات المنطقة العسكرية الأولى وفي المعسكرات الأخرى في المهرة هم يمنيون من مختلف المحافظات وكان بإمكان العليمي أن يصدر تعليمات بنقل تلك الوحدات إلى مناطق أخرى بدلا من المسرحية التي أخرجتها السعودية والإمارات لنهب الأسلحة وبيعها في أسواق حضرموت وإحلال قوات بديلة عنها متطرفة ومناطقية وفوضوية . وأمام هذا العبث والفوضى الممولة بدت تصريحات العليمي وطارق عفاش مخزية ومناقضة تماما للشعارات التي يرفعونها ليتبين مجددا أنهم مجرد أدوات لا حول لها ولا قوة تعمل وفق ما تتلقاه من الرياض وأبو ظبي فبدلا من الوقوف بجدية أمام الجرائم التي تمس سيادة اليمن يحاول العملاء حرف البوصلة باتجاه صنعاء لتحريرها حسب زعمهم فيما هم غارقون وسط فوضي أمنية وخلافات بين المليشيات والقيادات السياسية المرتهنة للسعودية والإمارات . الدور البريطاني الأمريكي الأحداث التي تشهدها المناطق المحتلة تؤكد أن أمريكا ومعها بريطانيا عادتا لاحتلال جنوب الوطن ولكن بواسطة وكلائها في الخليج العربي ( السعودية والإمارات ) التي تعمل تحت غطاء سياسي من مجلس الأمن ودعم لوجيستي ومشاركة من قبل أمريكاوبريطانيا في العدوان على اليمن بهدف السيطرة على موقعه الاستراتيجي الهام بهدف تأمين الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر والسيطرة على مضيق باب المندب وبناء قواعد عسكرية في جزيرة سقطرى وفي حضرموت وجزيرة ميون والسيطرة على المناطق الساحلية . هذا الدور البريطاني الأمريكي بات مكشوفا من خلال التحركات على الأرض التي تعمل لصالح الأجندة الغربية بواسطة وكلاء الاستعمار والمرتزقة والعملاء المحليين الذين يديرون كانتونات ومحميات لا تختلف عن تلك المحميات الشرقية والغربية التي أنشأتها بريطانيا إبان احتلالها لجنوب الوطن. الهروب نحو الهامش تدرك الرياض وأبوظبي ومرتزقتها أنها لن تستطيع أن تفرض أجندتها بواسطة القوة مع صنعاء خاصة بعد التجارب الميدانية التي أثبتت فشل تحالف العدوان في تحقيق أي من أهدافه ومنها السيطرة على صنعاءوالمحافظات الحرة أو التقدم وتحقيق أي نجاح يذكر أمام ثبات وبسالة أبطال القوات المسلحة اليمنية المسنودين بأحرار الشعب . وبعد أكثر من عقد من الزمن باتت الأوضاع العسكرية والقدرات الدفاعية لقوات صنعاء تختلف عن الأمس تماما بعد أن أصبحت قوة ردع فرضت تواجدها وحضورها على مستوى المنطقة واستطاعت كسر الهيمنة الامريكية في البحرين العربي والأحمر وفرضت معادلة ردع ضد كيان الاحتلال الصهيوني بعد خوض غمار معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس لما يقارب العامين إسنادا لفلسطين عسكريا بالصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة التي غيرت مفاهيم الحرب وأربكت وأفشلت مخططات المعتدين ومرتزقتهم في الحد من القدرات الدفاعية للقوة الصاروخية والطيران المسير الذي بات السلاح الأكثر فتكا بالعدو ومرتزقته . وانطلاقا من هذه الحقائق الماثلة التي لا يستطيع أحد إنكارها تأتي استراتيجية دول العدوان الجديدة ومحاولة فرض واقع ومشهد جديد في اليمن وتنفيذ مشروع تآمر جديد بدأت أول مراحل تنفيذه من محافظة حضرموت .. ورغم ذلك كله كانت ولا تزال وستظل الحقيقة الماثلة هي حقيقة أن ما عجزت عن تنفيذه أمريكا والدول المتحالفة معها لن تستطيع تنفيذه الأدوات العميلة والرخيصة. وإلى جانب الدور التاريخي المشرف الذي قدمته القوات المسلحة نصرة للقدس وفلسطين ستضع على عاتقها ومعها كل أحرار الشعب مسؤولية تحرير المناطق المحتلة في الوطن حتى يرحل غزاة اليوم كما رحل آخر جنود المحتل البريطاني في ال 30 من نوفمبر من العام 1967م .