مات المرشدي .. وقع الخبر هز جميع محبيك في داخل الوطن اليمني وخارجه عشاق الطرب الأصيل أيها الفنان الكبير العملاق في سماء الأغنية العدنية واليمنية والتلحين، إنا لله وإنا إليه راجعون ولا إعتراض على حكم الله "كل نفس ذائقة الموت"، ببالغ الحزن والأسى تلقى الجميع نبأ وفاتك الذي هزهم وهو القدر المحتوم لنا جميعاً، ولم أكن أتوقع أنا شخصياً بأنني في هذه اللحظات سأسطر كلمات في رحيلك المباغت، قبل إنتهائي من تفريغ الكاسيت الغالي على نفسي فهو وثيقة مهمة جداً حظيت بها من لقائي بك ويضم في طياته تسجيلاً صوتياً خالداً ورائعاً يا فناننا الكبير محمد مرشد ناجي، وحرصت أنا كثيراً للإلتقاء بك وشرفني ويشرفني مدى العمر أن حظيت بالجلوس والحديث معك وكان لقائي الأول والأخير بك وشاءت الأقدار يكون قبل إسبوع واحد فقط من رحيلك.
أعذرني أيها الراحل الباقي في نفوسنا على تقصيري في نشر حوارك الصحفي فأنت تاريخ وموسوعة وقامة فنية كبيرة ولهذا حرصت التمهل بصياغة حديثك الجميل والممتع حتى لا أوفت أي معلومة سردتها عن جزء من تاريخ حياتك ومسيرتك الفنية الكبيرة التي أستمرت لأكثر من خمسة عقود، ولا يكفيها أسطري بل سيوثقها أكثر من كتاب وقد كنت السباق أنت بتدوين أهمها في إحد كتبك التي نشرتها حمل عنوان" صفحات من الذكريات" محمد مرشد ناجي إصدار جامعة عدن، وأهديتني نسخة منه بتوقيعك الجميل وكلمات قصيرة عميقة المعنى في نفسي " أهديه للأستاذة لبنى الخطيب مع أطيب المنى" أسعدني كثيراً الإهداء منك يا معلم وأستاذ وأنا التلميذة أظل أمامك في محياك ومماتك.
لقد حرصت على زيارتك وحرصت أكثر أن لأكون ضيفة ثقيلة عليك لحظتها وأكتفيت بأغلى ساعتين معك من حياتي فتحت قلبك الكبير ودار حديث بيننا ذو شجون في الجلسة التي حظيت أنا بها في ديوانك الواسع الشبيه بالمتحف لما تضمه من صور كثيرة توثق مسيرتك الفنية وجمعتك بشخصيات فنية وشعراء وإجتماعية يمنية وعربية وقادة وسياسيين، وهناك زاوية خاصة للدروع والميداليات والشهادات التقديرية والتكريمات المختلفة التي تلقيتها، وبالاضافة لثلاثة أعواد خشبية تزين ثلاث زوايا علوية من أركان الغرفة الواسعة أحدهم مهداء إليك من الفنان السعودي عبادي الجوهر وأخر من نقيب الفنانين السعوديين والثالث من عازف الكمان المتميز شكيب جمن الذي أجاد العزف على العود أيضاً يرحمه الله، والركن الرابع من ديوانك تزينه أربع صور مختلفة لمراحل حياتك العطرة و بالخط العريض كتب العميد محمد مرشد ناجي "حياة وأغنيات".
كم سعدت بلقائك يا فقيدنا الغالي محمد مرشد ناجي أحد رواد الأغنية العدنية واليمنية وعلى مستوى الجزيرة والخليج للطرب الأصيل، وأقولها بصراحة لم أتردد في الحضور إليك مسرعة الخطى والجلوس بجانبك الذي حظيت به وسعدت جدًا إنني بقربك ووجها لوجه دون أي حواجز بتواضعك الكبير ولطفك الكريم يا غالي في قلوب أهلك ومحبيك من المحيط للخليج وبقاع شتى في كرتنا الأرضية حيث عشاق فنك الجميل يا مرشدي، فرصة العمر غنمتها وجمعتني بك وشرفني كثيراً موافقتك لتسجيل حواري الصحفي معك ولم أكن أتوقع إن القدر منحني هذه الفرصة الكبيرة والشرف لأكون الصحفية والإعلامية الأخيرة التي حظيت بها أنا يا "أبوعلي" والحديث معك ذو شجون و أنت الذي عزفت عن الحديث للإعلام منذ فترة ولكنك لم تبخل عليا أبداً أبداً بإجراء الحوار.
وكان جهاز التسجيل الصغير بيينا يلقط كل كلمة قلتها ومنها سبب موافقتك الكريمة على ذلك لمعزتك الكبيرة لأخي الغالي الإعلامي الشهيد جمال الخطيب يرحمه الله وعددت مناقبه الطيبة الكثيرة حينها فهي شهادة أعتز بها كثيراً ولم يدر بخلدي أبدا أنني سأعدد مناقبك هكذا بسرعة بعد أسبوع واحد فقط من لقائي بك، كأنها لحظات الوداع وزيارة أكرمني الله بها يا متواضع في حديثك كما هي في سيرتك الطيبة وأنتقلت روحك الطاهرة لدار البقاء، ولم يمهلني القدر حتى أنشر حواري الذي أجريته في بيتك العامر بحي ريمي بالمنصورة عدن، ألف رحمة عليك يا مرشدي يا من أطربتنا كثيراً بأغانيك الجميلة وبلهجات مختلفة يمنية عن العشق والهوى وحب الوطن. مهما قلت وأعدت أنا وكل من سيكتب عنك في رحيلك لن نوفي بحقك الكبير إنسان وفنان وسياسي خاض معترك الحياة البرلمانية ومدرس وسكرتير ولاعب كرة قدم، فعزائي لأولادك وبناتك وحفدتك وكل أفراد أسرتك ومحبيك عشاق فنك الجميل، ألف رحمة عليك يا مرشدي وستبقى بيننا وفنك خالداً وملهماً ومدرسة للأجيال القادمة العاشقة للطرب الأصيل.