لطالما رفضت حكومة الشرعية اليمنية إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في اي مفاوضات بشأن النزاع والحرب الدائرة في اليمن ووافقها في ذلك الرفض جماعة الحوثي الانقلابية والمتمردة على الشرعية اليمنية . أن رفض الطرفين الشرعي والانقلابي مشاركة المجلس الانتقالي في المفاوضات مبني على ادراكهم بضعف موقف المجلس في بدايات تأسيسه ولا يمكن في العمل السياسي والدبلوماسي لطرف قوي أن يهدر وقته في التفاوض مع الطرف الأضعف . الشرعية قوية باعتراف العالم بها ووقوفه إلى جانبها من خلال التحالف العربي لدعم الشرعية . والحوثيون أقوياء بسيطرتهم على عاصمة الدولة صنعاء مما مكنهم من تعطيل وعرقلة عمل معظم الوزارات التي أنشئت في عدن بعد إعلانها عاصمة مؤقتة للدولة وذلك لأن قواعد بيانات الدولة موجودة في المقرات الرئيسية للوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة في صنعاء . إضافة إلى ذلك فإن المتمردين يسيطرون على محافظات الشمال ذات الكثافة السكانية والتي يستمد منها المتمردون مخزونهم البشري في المواجهات العسكرية مع الشرعية والتحالف والمقاومة الجنوبية . ويبدوا أن المجلس الانتقالي قد أدرك ذلك الأمر فعمد الى تعزيز وتقوية موقفه من خلال التوجه إلى العمل العسكري المتمثل في تدريب وتخريج دفعات عسكرية في المحافظات الجنوبية المحررة والسعي إلى تسليحها تسليحاً جيداً ليتمكن من السيطرة على الجنوب الأكبر مساحة وأقل سكاناً في ما يعرف بالجمهورية اليمنية . قد ينجح المجلس الانتقالي مستقبلا في إقناع المجتمع الدولي والطرفين الرافضين له ( الشرعية الحوثيين ) بمشاركته في اي مفاوضات قادمة لكن هل ينجح في انتزاع ما يريده شعب الجنوب من الطرفين الشرعي والانقلابي وهو الاعتراف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم على أقل تقدير إن لم يكن ممكنا انتزاع الاستقلال واستعادة الدولة . إن مفهوم التفاوض في النزاعات الدولية مبني على عدة عوامل من أهمها أن يكون لدى المتفاوضين نقاط مشتركة يبنى عليها التفاوض وان تكون نقاط القوة لديهما متعادلتان أو قريبا من ذلك . ولا أعتقد أن هذا الامر ينطبق على القضية الجنوبية . اذن على المجلس الانتقالي الجنوبي أن ينتقل الى الوضع الآخر وهو المساومة من خلال التفاوض . واذا اردت أن تدخل في المساومة السياسية فيجب عليك أن تدرس هذه القواعد الستة لضمان تحقيقك اكبر قدر من النجاح في المفاوضات :- 1- أن تكون اهتماماتك ومصالحك متعارضة بدرجة كبيرة مع الطرف الآخر . 2- أن تتمتع بدرجة أكبر من القوة بالمقارنة بالطرف الآخر . 3- لا توجد لديك علاقات طيبة منذ فترة طويلة مع الطرف الآخر . 4- لا توجد لديك ثقة فى الطرف الآخر . 5- أن يكون تطبيق وتنفيذ الإتفاق سهلاً ومضموناً. 6- الطرف الآخر ضعيف ولا توجد لديه نقاط قوة للمساومة . ان هذه القواعد الستة في مبادئ المساومة السياسية ستلبي لك القدر الأكبر من النجاح في التفاوض ولن يتحقق ذلك للمجلس الانتقالي الجنوبي الا من خلال عدة عوامل :- 1- استكمال البناء العسكري والامني . 2- تحقيق الوحدة الوطنية واستيعاب اكبر قدر من الجنوبيين المعارضين للمجلس . 3 - استكمال بناء الكادر الاداري لمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية . 4- استكمال السيطرة العسكرية والإدارية خاصة في المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنابع النفط والتي ستحقق للمجلس استقلالا ماديا يستطيع من خلاله الضغط على جميع الأطراف الأخرى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية .