—————————————— اللعب بمتناقضات المجتمع لعبة خطرة جداً.. ظنت بعض الأطراف ان تأجيج الصراع القبلي والمناطقي في جنوباليمن سوف يكون العامل الحاسم في صراع السطوة والسيطرة على البلد من خلال ادارة أطراف الصراع المحلية بسياسة فرق تسد.. نجحت بريطانيا العظمى في تطبيق هذه السياسة في فترة استعمارها الجنوب لاكثر من قرن من الزمان من خلال تقسيمها الجنوب الى سلطنات ومشيخات متناحرة، فنجحت في ادارة البلد لفترة طويلة وكان التناحر بين المكونات الاجتماعية في الجنوب عامل هام في استقرار الاستعمار البريطاني طويلاً.. نجحت بريطانيا بالفعل في ادارة سياسة فرق تسد بفعل الظروف المساعدة في ذلك الوقت واهمها:- 1- ان بريطانيا كانت القطب الواحد آنذاك وكانت هي الخصم والحكم لجميع أطراف النزاع.. فعندما يتنازع طرفان فالحاكم بينهما هو المندوب السامي البريطاني. 2- بريطانيا كانت مصدر التمويل الوحيد لجميع أطراف النزاع.. فميزانيات السلطانات والمشيخات كان مصدرها بريطانيا، والهبات للشخصيات الاجتماعية أيضاً مصدرها بريطانيا.. 3- مصدر السلاح الوحيد لجميع الأطراف كانت المستودعات البريطانية، فبريطانيا هي من ترجح الكفة في اي نزاع مسلح بين مشيخات وسلطنات وقبائل الجنوب.. إذاً، العامل الرئيسي لنجاح سياسة فرق تسد هو القطب الواحد المسيطر على كل شي ، وهذا القطب يجب ان يكون الوحيد المتحكم بمصدر الأموال ومصدر السلاح وأيضاً المصدر الإعلامي.. السؤال الهام: هل تتوفر تلك العوامل اليوم لتلك الأطراف التي تعتقد ان بقائها وسطوتها على البلد لن يتحقق الا بسياسة فرق تسد؟ الإجابة، قطعاً لا نحن اليوم في عالم مفتوح عالم يموج بالتحالفات والتحالفات المضادة.. عالمنا في الشرق الأوسط اليوم تتقاذفه تحالفات وأقطاب متعددة الأهداف والتوجهات والولاءات.. ولذلك، اللعب بالمتناقضات الاجتماعية في عالم اليوم لعبة خطرة على الجميع لان كل المكونات الاجتماعية في البلد تستطيع ان تجد على من يتحالف معها داخلياً وخارجياً.. الكل يستطيع ان يحصل على المال والسلاح والدعم الإعلامي ولدينا شواهد كثيرة على ذلك، هناك دول تنتقل بين عشية وضحاها من تحالف الى اخر، وكذلك مليشيات اخرى تحصل على مصدر للمال والسلاح والإعلام بيسر وفي وقت قصير.. وبالتالي فسياسة فرق تسد لعبة لم تعد تجدي في عالم اليوم المفتوح وسوف تكون قنبلة انشطارية ستفتت المجتمع وشظاياها ستصيب من يتلاعب بها في مقتل..