أخيراً أقر السيد مارتن غريفيثس مشاركة الجنوبيين في مفاوضات الحل النهائي للأزمة اليمنية . ولكن الصادم في هذا الخبر أن السيد المبعوث أقر خمسة وفود جنوبية لتشارك في المفاوضات وتمثل القضية الجنوبية بدلاً من وفد واحد . فإلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفاؤه هناك ثلاثة من هذه المكونات المقر مشاركتها في المفاوضات محسوبة على الحراك الجنوبي وهي الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر حوار صنعاء الذي يترأسه ياسين مكاوي والمجلس الأعلى للحراك الثوري بشقيه تيار حسن باعوم وتيار فؤاد راشد فيما لم يتحدد بعد المكون الخامس وان كان من المرجح أن يكون الائتلاف الوطني الجنوبي الذي أعلن عنه مؤخراً ويسيطر عليه جنوبيو الأحزاب اليمنية . إذن فقد أخفق المجلس الانتقالي بإقناع السيد غريفيثس أن المجلس هو الممثل الوحيد للجنوب ونجح الخصوم في إقناعه بعكس ذلك . ولعل السيد غريفيثس ومن خلفه المجتمع الدولي أرادوا بذلك امتحان الجنوبيين ومشاهدة ما سيفعلونه . هل سيذهبون حقا للمفاوضات بخمسة وفود تحمل مشاريع مختلفة فيضعفون بذلك أنفسهم وقضيتهم ام سيسارعون الى الحوار فيما بينهم والخروج برؤية ومشروع ووفد تفاوضي واحد . ولكي نعلم مكمن الخلل علينا أن نعود إلى الماضي القريب لنرى لماذا تجاهل العالم قضيتنا الجنوبية طوال تلك الأعوام . راقب العالم الحراك الجنوبي المنادي بالاستقلال منذ نشأته عام 2007م حيث ظهر في بدايات انطلاقه حراكاً شعبياً موحداً يحمل مطالب عادلة ومشروعة إلى أن تسلق الكثير من الانتهازيين سلم الحراك ليصلوا الى أعلى هرم القيادة فيه وبدئوا بتقسيمه إلى مكونات وفصائل يدعي كل قائد فصيل منهم أن هدفه التحرير والاستقلال واستعادة الدولة بينما في حقيقة الأمر كان كثيراً منهم يبحث عن مصالح ومكتسبات شخصية تحت شعار التحرير والاستقلال ودغدغة مشاعر الناس واستثارة عواطفهم برفع الأعلام والخطب الرنانة . لقد كانوا يقفون حجر عثرة أمام كل دعوة للتوحد ويسعون إلى إفشال كل مسعى للم الشمل ووحدة الصف . ويدعي كل واحد منهم تمثيل القضية الجنوبية ويرى في مشروعه الكمال . تكونت لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر جنوبي جامع يقرب وجهات النظر ويخرج بمشروع واحد وقيادة واحدة إلا أن هذه اللجنة مكثت عامين كاملين تلتقي بهذه القيادات لتناقش مشاريعهم ووجهات نظرهم وتعقد تفاهمات معهم وكانت كلما اقتربت من إتمام المهمة تتفاجأ بتراجع هذه القيادات عن أي اتفاق سابق بحجج واهية ومثيرة للسخرية وماذا كانت النتيجة ؟ فشلت هذه اللجنة فشلاً ذريعاً ورغم الجهود المشكورة التي قام بها أعضاء هذه اللجنة لوحدة الصف الجنوبي الا انهم كانوا طرفاً في الإخفاق والفشل بسبب صمتهم وعدم مصارحتهم الشعب عن من يعرقل مساعي اللجنة ويتراجع عن أي اتفاق تم بحجة الحفاظ على وحدة الصف وعدم معاداة اي طرف . أدرك المجتمع الدولي حينها أن الوقت لم يحن بعد لتحقيق مطالب الجنوبيين طالما وهذا حالهم فهم لم يشاهدوا قادة ثوريين قادرين على حمل قضية شعبهم وإظهارها للعالم مما أدى إلى تجاهل القضية الجنوبية من قبل المجتمع الدولي لأعوام حتى اندلعت حرب عام 2015م حينها تلاشى واختفى أولئك القادة فيما توحد الشعب على قلب رجل واحد ليواجهوا الغزو الشمالي بما تيسر لهم من سلاح . وساعد دعم التحالف العربي أبناء الجنوب في تحقيق انتصار ساحق وطرد الغزاة من عدن وبقية المحافظات الجنوبية لتسيطر بعدها المقاومة الجنوبية على الأرض . الأمر الذي أجبر المجتمع الدولي لإعادة حساباته ونظرته للقضية الجنوبية . ولكن مع الأسف عاد الجنوبيين اليوم لتكرار نفس اخطاء الماضي من غير وعي و إدراك بخطورة الأمر من خلال عودة القادة السابقين للظهور على الساحة والسماح لهم ولبعض الانتهازيين باختطاف المقاومة والحراك . إن ذهاب خمسة وفود لتمثيل الجنوب كل وفد منهم له رأي ومشروع يختلف عن الآخرين يعني ذبح القضية الجنوبية من الوريد الى الوريد ودفنها الى الابد . ولذا وجب على الجنوبيين المؤمنين بمشروع التحرير والاستقلال تدارك الأمر من خلال اتخاذهم خطوات تعزز من موقفهم وتجعل الشعب يلتف حولهم وذلك بفتح باب الحوار الجاد والشفاف دون وضع شروط و أملاءات مسبقة ومحاولة إيجاد نقاط إيجابية مشتركة يبنى عليها مشروع وخارطة طريق موحدة لتحقيق هدف التوحد في وفد تفاوضي يشمل جميع الأطراف . فالمجتمع الدولي لن يقبل بإقامة دولة تشرف وتسيطر على أهم ممر مائي على وجه الارض لم يستطع قادته الاتفاق فيما بينهم على تشكيل وفد تفاوضي لشرح قضيتهم أمام العالم رغم رفعهم لشعار واحد وهو التحرير والاستقلال فكيف سيتفقون على حكم وإدارة دولة ؟!. لذلك على جميع أبناء الشعب الوقوف في وجه هذه المهزلة بأن تضغط جماهير كل مكون على قادتهم للإسراع في فتح باب الحوار دون قيود أو شروط مسبقة ومن يتقاعس عن فعل ذلك فلتسقطه جماهيره ومؤيدوه لكي نتدارك الأمر قبل فوات الأوان ونندم حينما لا ينفع الندم .