مثل معروف لدينا في جنوباليمن، بالمصري اضرب المربوط يخاف السايب. العلامة الشيخ علي بن أحمد السليماني منصب السفال بشبوة وقاضي الإتحاد، شخصية عرفت برجاحت العقل وبعد النظر والإطلاع الواسع. من بعض ما قاله الشيخ رحمه الله أن بريطانيا سلمت جنوباليمن للجبهة القومية بعد رحيلها دون غيرها وهي تعلم توجهها الاشتراكي وتؤثرها وارتباطها بمصر والفكر الناصري. كان الجنوب الضحية بين دول جزيرة العرب ونموذج "البعبع" الذي صنعه أو سمح بتواجده المستعمر البريطاني موجهه نحو دول الخليج العربي، لتحذيرهم وتخويفهم من المد الناصري والشوعي. خلال فترة الحرب الباردة خاض الجنوب عدة حروب بالوكالة مع كل جيرانه، لكي يبقى التواجد البريطاني ويستمر نفوذه ومن بعده الأمريكي على دول الخليج بهدف الحماية من المد والخطر الشوعي. كنا في الجنوب أداة "منخاش مرعض". فهل يراد اليوم لصنعاء أن تقوم بهذا الدور؟ لم نتعلم الدرس، جعلوا منا أعداء لبعضنا بشعارات لاناقة لنا فيها ولا جمل من امبريالية واشتراكية... الخ. لازالت سياسية فرق تسد تمارس علينا بأوجه مختلفة. انتهت فترة الحرب الباردة، فأشعلوها حرب ساخنة، لم يعجزوا أن يخلقوا لنا مبررات جديدة لتستمر اللعبة... ما يجري في اليمن ليس أحداث عفوية أو "سبهلل" بل مخطط له ومدروس لتحقيق أهداف قد يكون الكثير منها خافية علينا. لعل الذي يظهر من إطالة فترة المعاناة والقتل والتدمير وخلق عراقيل أمام الحل حربا أو سلما، مثل عدم تمكين الشرعية وخلق قوى سياسيه وعسكرية انفصالية في الجنوب، ولغز من يدعم الإنقلاب في صنعاء، كما ذكرت في مقالات سابقة تطبيق استراتيجية "دعوا الحرب تأخذ مسارها ومداها الطبيعي" حتى تحقق الصدمة النتائج المطلوبة، وأهمها عدم الثقة في أي نظام وطني وقياداته... الخ، لنكون حكومة وقيادات وشعب جاهزين ومستسلمين لما يفرض علينا. هذا ما بدأ يظهر من فرض الخارج اجنداته على كل الفرقاء في اليمن، لدرجة أنني وبعد ما قيل حول زيارة وزيرة الخارجية البريطاني إلى مدينة عدن كتبت مقال بعنوان "هلا بعيال الحبابة"، أقصد الجدة إليزابيث والاستعمار البريطاني، ولن نعجز بالتبريرات، بأنه ليس استعمار، بل أيادي بيضاء لمساعدتنا للخروج من المحنة التي "صنعها". الدق فينا وثورة ثورة و"الثيران" تنقاد إلى المذبح، كالمجنون أو السكران ينقاد للمشنقة وهو يضحك مبتسم كأنه ذاهب إلى عرسه. واضرب فرج يفطن سالمين، ليستمر الحلب، واصبروا على قردكم لا يجيكم اقرد منه. المشكلة الأكبر التي يغفل عنها الكثير هي جيل كامل يتم تنشئته بواسطة حكومة الإنقلاب الحوثيه بثقافة مستوردة من قم الفارسية. لن تكون مشكلة اليمن لوحده بل لجزيرة العرب لسنوات سوداء قادمة. هل ينجح الايرانيون فيما فشل فيه الخليجيون، كما حذر الكثير من المفكرين والساسة، من احتوى اليمن واستثماره فكريا وعقائديا لخدمة إطماعه وأجنداته العدائية تجاه المنطقة؟