البلهاء جمع أبله وهو من كان على غير الخلقة السليمة من حيث اكتمال العقل وامتلاك المنطق السليم في التفكير وقد يرافق القصور العقلي نقص بدني في بعض الحواس كالسمع والنطق والحركة العضلية , وهذا قد يكون مرض خلقي لا دخل للإنسان فيه فهو أمر مقدور ما على من أبتلي به إلا الرضاء والقبول والتسليم لأمر الله والتعامل مع علل المرض بحسب القدرات المتاحة. ولكن هذه الفئة ليست المقصودة بالحديث فكما ذكرنا هذا النوع من البلاهة أمر خارج عن قدرات الانسان وإنما ما نعنيه بالبلاهة هي البلاهة المكتسبة والتي يضع الإنسان نفسه فيها إما رغبةً في التهرب من معالجة الأمور وترك الظروف تتحكم فيها . ومن البلاهة في زماننا أصناف فهذا زمن البلهاء وزمن البلاهة المكتسبة فهي طريق نجاة لضعاف النفوس الذين وضعوا مصالحهم الشخصية فوق المصالح العامة والمصالح الوطنية وارتضوا رهن أنفسهم مقابل حفنات من الورق النقدية ورحلات غير مدفوعة الأجر وسيارة فارهة وعدد من النساء يلتففن حوله تحت غطاء الزواج أو خارجه وهو ينفذ مشاريع وهمية ظاهرها خدمة الوطن وباطنها تفتيته وتقزيمه وتسليمه لقمة سائغة للغير . ومن البلاهة في هذا الزمان من يجعل نفسه حامي الحمى ويناضل بكل ما أوتي لتحقيق مشاريع قد أثبت الزمن كسادها وفشلها وهو ما زال يصر على تنفيذ هذه المشاريع الضيقة التي لم تعد مستساغة إلا عنده وعند من يتكفل بنفقاته. ومن البلاهة من يعتقد أنه يخدم الوطن وهو ينفذ مشاريع خارجية يعتقد فيها أنها مصالح وطنية ولو أنحرف الممول عن الهدف لنهض وهب لتصحيح المسار وهذا أعظم البلاهة لأنك تقع تحت طائلة تنفيذ الاجندات التي لا خيار لك في تغيرها وسيحتم عليك السير تحت إمرته وليس لك الخروج عن ذلك السير. ومن البلهاء في هذا من يغير أهدافة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال في عشية ليلة وضحاها وهو يعتقد أنه يصحح الأهداف ويظن أن ذلك ينطلي على الأخرين وهو على طريق البلاهة يشعر الأخرين بحسن نواياه واقعاً في البلاهة علم بذلك أو لم يعلم. وللبلاهة أصناف متعددة في زماننا ومن صورها ما يحصل من الكثير الذين ساقتهم الحرب إلى دفة تسير أمور البلاد وتناسوا الأمس الذين كانوا فيه من المواطنين وببلاهة مقصودة والانتقام من الأيام الخوالي حين كانوا على هامش الزمن كغيرهم من أفراد الشعب نصبوا انفسهم ولاة على سائر الأمور وتجاوزوا مهامهم حتى أصبحوا يتصدرون الموقف في كل أحوال المشهد الحياتي للمجتمع. فهل يعي هؤلاء البلهاء أخطار بلاهتهم التي ستلحق بالوطن أشد الأضرار وهم يظنون ببلاهة أنهم يحسنون الصنع إذا حسنت النوايا وإلا فهم جامعي ثروات وحاصدي مصالح شخصية تجردوا من كل عنوان للوطنية في سبيل تحقيق مصالح شخصية حقيقية أو وهمية