المجلس الانتقالي تخندق مع الإمارات في حروبها مع جماعة الإخوان، وانحرف عن قضيته الأساسية وهي القضية الجنوبية وحقوقها ومطالبها، وفتح على نفسه جبهة أثرت كثيرا في شعبيته ومكانته وفقدته الاستقلالية في قراراته وخياراته، وخسر بسببها مكاسب كثيرة جداً كانت ستقفز بالقضية الجنوبية لمواقع أكثر تقدما. وهذه حتمية وبدهية، فعندما تعقد تحالفات مع غيرك، وتتخلى عن عوامل القوة لديك وترمي بأوراق ضغطك كلها عرض الحائط، فأنت هنا ستكون حطبا لمشروع حليفك وحروبه، وهذا ما حدث للانتقالي، حتى ظهر وكأنه إحدى وحدات القوات المسلحة الإماراتية، جند كل أفراده وقواته لحروب الإمارات وليس لحروبه ومطالبة، وأصبحنا نرى جُل همّ الانتقالي وغاية أمره القضاء على الإخوان التي لم تستطع دولا محوها والقضاء عليها، وهكذا تاه الانتقالي في هذه الحرب وضاعت بوصلته ودخل في نفق ولم يخرج منه، رغم أن عدن خاوية من الإخوان بل وجنوبهم العربي كله لم يعد للإخوان فيه تأثير يذكر، لكن ولأن الانتقالي يخوض حربا بالوكالة حشر نفسه في هذه المعمعة وخاض حروبا مع طواحين الهواء والنتيجة انحسار كبير وفقدان لكثير من مواقعه وأصبح محصورا بين ثلاث إلى أربع محافظات فقط وهي ما تسمى بمثلث الدوم وخسر المحافظات الشرقية وأجزاء كبيرة من محافظة أبين. وحينما ساءت العلاقة بين الرئيس هادي ودولة الإمارات، دخل الانتقالي في الخط وجعل من هادي هدفا له تحت مبرر محاربة الإخوان أيضا، رغم أن أكثر قيادات الدولة من الجنوب لكن ولأن الانتقالي يخوض حربا بالوكالة وليس لقضيته الجنوبية، وجّه سهامه نحو هادي الذي سلمهم الجنوب كاملا بعد حرب 2015 كبادرة منه لإعادة الثقة إلا أنهم أداروا ظهرهم له وأقبلوا على الدرهم الإماراتي، أوقفوا معركتهم الحقيقة وانشغلوا بمعارك الإمارات، فخسروا هادي وكل القيادات الجنوبية التي معه وفي المقدمة خسروا محافظة أبين معقل الرئيس هادي. توغل الانتقالي كثيرا في نفق الإمارات، وضاع في متاهاته، ولم يهتد للمخرج، وربط مصيره ليس بقضيته الجنوبية، بل بالوجود الإماراتي في الجنوب، وأصبح على شفا جرف هار خاصة بعد تداول أخبار انسحاب إماراتي وشيك من اليمن، وحتما سيغادر الانتقالي معها أو سيرضخ لشروط هادي ومطالبة، وهذا ما جعله يعتكف مدة طويلة في جدة لعله يجد عند هادي مخرجاً لمأزقه.