إضاءة ب احريزية : " ياللي تناوط في السماء ..وين السماء منك بعيد"
من حقائق الواقع لا من صحائف التاريخ ..يذهب المرء في متاهات المشهد الدرامي للأحداث مع ماهو كائن وما قد يكون لحضرموت المكان والإنسان ..ومن تجلياته وتداعياته المتعددة الزوايا وذات الصورة المركبة الواحدة بكل تلاوينها نشاهد على شاشة الشارع الشعبي ( مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )..!!
لعل القارئ الحضرمي البعيد ناهيك عن المراقب من الداخل لواقع حضرموت وماتعيشه اليوم من تجاذبات دراماتيكية لا تمت في دوافعها الى صالحها في شيء إلا عند أصحاب المشاريع الذاتية النرجسية الباذخة التي تحرق البخور للتحضير استعدادا ليوم الجلوس على كرسي الوهم المنثور مع نار حريقها في مباخرها العتيقة ..!!
لقد ذهب المحضار وترك لنا من شعره كشواهد ما ترك وهو يقارع أولئك ( الرفاق) بكل ما حملوه من رايات( حمراء) ليذهبوا معهم بحضرموت الى نارهم المستعرة التي كانت بردا وسلاما عليها بقدرة المولى وعنايته (عناية خلت التالي يعود الأولي) كما وصفها(بتشديد الصاد) المحضار ولم تمسها منهم بشيء جوهري منها وظلت صامدة مع كل ( زعيقهم ونهيقهم )بأبوقتهم التي نفخت في رمادهم لتحيله وبالا عليهم وكان المحضار يثبت الحالة حين قالها (مكانك يا حسر دوعن عسيره ...فلوس التاج ما قدرت توطيش) ..!!
ودارت الأيام (على قولة أم كلثوم)وتبدلت الأحوال لنرى تلك الشخوص بذات الوجوه المجملة بمساحيق السياسة( القذرة) تركب الموجة من جديد وتعيد إنتاج نفسها في مشهد يرقى الى مستوى الشفقة عليهم وكأن بالذاكرة الجمعية قد (هكرت)أو أوهموا أنفسهم بذلك وعادوا وكانوا طامعين ..!!
في الحقيقة حضرموت بوتقة عجيبة تصهر(بفتح التاء) معها كل العينات ولا تقبل الخبث (بفتح الخاء) عند الانصهار فترمي به كالزبد عرض بوتقتها عند أول حالة فوران لها في طريقة عجيبة قل أن نرى لها مثيلا في أمكنة أخرى كما إن من ينتمي لها أصلا وفصلا لا يصهر (بضم الياء) في أي بقعة نأى بنفسه إليها وهي ما يميزه عن غيره ومن أدعى نسبه لها بغير ما يحمله من هذه الصفة فليراجع نسبه فإنه بالطبع بل وبالمطلق لا ينتسب إليها ..!!
لقد تكالبت على حضرموت على مر التاريخ ( هموم جم وأثقال حطت )ولكنها مع كل ذلك إرتقت بنفسها فوق كل ذلك وعالجت آلامها ومضت الى حيث هي تحمل خصائص منبتها بكل ماهو في موروثاتها الجينية بشفرتها الوراثية وعادت تنوء بهمها ولا تشكيه لأحد اللهم مستنجدة بنفسها من غيرها ومن أبنائها الذين وقع العقوق منهم على مراحل تاريخها..!!
اليوم ذاتها تعاود الكرة في شموخها وصمودها ولا تنتظر من أحد أن ينصفها بل تجدد سيرة الأولين وعلى طريق الأسلاف سيمضي الكثير منهم مهما تعثرت وقع أقدامهم على أرضها المعطاءة بالخير الكثير.!! فحضرموت لا تسمح ولن تسمح بحالة التشكي منها بل ولا تقبل من أبنائها كبروا أو صغروا فهي بذاتها ولادة لحلولها بفعل التغيير والثبات ومقاومة الوافد بكل أشكاله وألوانه وتصرفاته .!!
ولأنها كذلك فمستويات الرثاء والشفقة لا نجدها في قاموسها الحقيقي ولا تقبله من الذين يقفون عند حائط مبكى مصالحهم دارفين دموع الشفقة عليها كجسر عبور لهم ..!!
هي بكل هذه المستويات تتخذ من النخلة شعارها في الثبات والصمود والعطاء المتجدد النافع ولا تعرف بالمطلق معاني الخذلان التي يتكئ على عصاتها بعض من ادعوا زيفا أنهم منها ...!!
خاتمة: "استعجلوا ما تريضوا لقوا خبب ومسابقه باعوا الجربة وقالوا الدري ما يلقي سبول كل من نشد عالبن قله .قد كلته العالقة ومن حرق بنه بيده .. أيش عاده با يقول " الشاعر/ باحريز