تمهيد: منهج السلف الصالح هو منهج النبي الإمام و صحبه الكرام و العلماء الأعلام و هو الحق الأبلج الذي لا يشوبه باطل لجلج فلا هو بالأعوج و لا الأهوج. و لكن قد انتسب إليه جهلة أدعياء و أغرار غير أسوياء فصاروا عليه أوصياء فشرقوا و غربوا و ضلوا و أغربوا و لحنوا و ما أعربوا! مراءون سفهاء و سفلة رقعاء ملأوا الدنيا جهلا و ضلالا و عواء و اتبعوا زخرف الدنيا و الأهواء فعبأوا القلوب بالعلل و الأدواء و ليس لحماقتهم و رقاعتهم دواء. فجهلوا ثم جعلوا الحق في حزبهم محصورا و على عصابتهم مقصورا و هم يعانون جهلا و حماقة و قصورا؟! و صار التحزب لفلان و التعصب لعلان هجيراهم و ديدنهم حتى كادوا أن يجعلوهم أصناما و آثارهم أوثانا و لأجلهم نشروا باطلا وبهتانا و احتملوا إثما و عدوانا و صاروا لإبليس جندا و أعوانا و للطواغيت مركوبا و عميانا! فلهم أقول و بالحق أصول و أجول: أيها الساقطون المتساقطون أيها المنافقون النافقون أيها التافهون المتهافتون أيها المتلونون الملونون أيها المتقلبون المنقلبون أيها المارقون المتمرقون أيها المالقون المتملقون أيها الرويبضات الفويسقات كنتم للحكام مادحين و لمن تكلم فيهم بحق قادحين كنتم للسلاطين منبطحين و لمن نصحهم بعلم طاحنين كنتم للزعماء منسدحين و لمن شرق بظلمهم سادحين كنتم للملوك ممجدين و لمن أنكر منكرهم في حربه مجدين كنتم لهم معظمين مطبلين مزمرين و على أنغام ظلمهم و جرمهم راقصين حتى كدتم أن تقولوا بلسان الحال لكل جبار محارب لشريعة الكبير المتعال: ما شئت لا ماشاء الجبار فاحكم فأنت الواحد القهار! ثم انقلبتم على أعقابكم و بلتم على عراقيبكم لا تلوون على دين العليم الخلاق و لا على شيء من الأخلاق كمن لا دين له و لا خلاق؟! فما كان ضلالا صار ظلالا و ماكان بدعة صار بديعا و ماكان حراما صار حلالا زلالا و صرتم للخوارج مثالا يحتذى و للبغاة منهجا به يقتدى و للدراهم روح أتباعكم الفدى و هكذا من كان يتغافل عن الجذع في عينه و يعظم في عين أخيه القذى! يا عباد الدراهم أعيت جروحكم المراهم يا عباد الدينار لا ينفع معكم علاج بالقنطار يا عباد المنصب و الجاه حار فيكم الجاهل و تاه يا عباد السطوة و القوة لا تقوى و لا مروة أيها اللاهثون وراء الحطام بلا لجام أو خطام لا تكونوا ككلب الصيد يجهد نفسه و تذهب أنفاسه لغنيمة ليس له منها إلا التعب و النصب و الوصب! أفلا تعقلون؟! صحت بالصوت العالي كلكم تحت نعالي و بباطلكم لا أبالي و إن سكت عنكم فلا أبَ لي شاهت الوجوه. قفلة: لم أكتب ما كتبت دفاعا عن الحكام فهم أحقر و أذل و أصغر و أقل من أن يكافح أو ينافح عنهم مسلم عاقل و مؤمن فاضل فأهونهم شرا و أخفهم ضرا مضيع للديانة خائن للأمانة عديم الصيانة و لكنني أقول ذلك هتكا لأستار المتلونين و هدما لأسوار المتقلبين الذين انتكسوا و ارتكسوا جهارا نهارا عيانا بيانا و باعوا دينهم بثمن بخس دراهم معدودة و كانوا فيه من الزاهدين فكشفوا عن دين رقيق و وجه صفيق بالبصق حقيق. و هذا غيض من فيض و زفرة من غيظ و إن شئتم زدناكم و بالسندرة كلناكم.