في الوقت الذي حذرنا من خطر الشرعية وتآمرها على اليد التي امتدت لها خلال سنوات عجاف مرت بها هذه الشرعية المهترئة والمختطفة من قبل جناح الإخوان المسلمين (الإصلاح) والتنظيمات الإرهابية. ربما لم تكن تدرك السعودية حجم ذلك الخطر المحدق بها من قبل هذه الشرعية التي تدعي أنها تحارب الحوثيين وتجابه المد الفارسي في اليمن. فالكل يعلم أن الحوثي طرد هؤلاء وأخرجهم من قصور الرئاسة وجميع الوزارات حافين الأقدام، وأهانهم ونكل بهم وكانت دول التحالف العربي هي من أنقذتهم وأخرجتهم من بين مخالب الحوثي، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية التي آوتهم عندما ضاقت بهم الأرض بما رحبت وفتحت لهم أبوابها على مصراعيها ووفرت لهم كامل الدعم والعدة والعتاد لتحرير صنعاء. لكن ماذا كانت النتيجة وكيف تم رد الجميل من قبل هؤلاء القوم الذين لا يحترمون مناصبهم ولا بلدهم ولا يوفون بالعهود أو يحترمون القيم والمبادئ، كما أنهم لا يلتزمون بابسط القوانين حتى نقنع أنفسنا بأن لديهم مشروع دولة وأن هدفهم هو محاربة الحوثي وقطع يد إيران في اليمن. ربما أدرك الكثير اليوم لاسيما في السعودية أن ما يسمى بالشرعية هي من تضع العراقيل أمام الحلول وهي من تضع العربة أمام الحصان وتريد إطالة أمد الحرب، كي تستنزف السعودية مالياً وبشرياً وعسكرياً وتفشل مجهودها في اليمن. فلا يمكن أن تكون هذه مجرد تكهنات فالكل بات يعي ويدرك جيداً ماذا حققت الشرعية وما هو الدور الذي لعبته في اليمن على مدى خمس سنوات فهي لم تحسم معركة ولم تتقدم شبراً واحداً لتحرير صنعاء وتعز والحديدة ومعظم المدن بالشمال، باستثناء مأرب الذي كان لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الفضل الأكبر بتحريرها، ولا تزال دماء الجنود الإماراتيين حاضرة بوجدان الكل، فسبق وأن استشهد ما يقارب 60 جندي وضابط بيوم واحد بغدر وخيانة من الشرعية المتمثلة بتيار الإخوان المسلمين. أما إذا عدنا بعقارب الأحداث إلى اليوم وتركنا ما حصل بالأمس، فقد نجد هناك جحود ونكران وعداء غير مسبوق من قبل الشرعية اليمنية لدول التحالف العربي، فبالأمس كانوا يصبون جام غضبهم على الإمارات ويصفونها دورها بالمحتل ويطالبونها بالرحيل بعد أن أخذوا حاجتهم وأدركوا أن الإمارات مصممة على أن لا تعطي أموالها السفهاء. واليوم بنفس الجحود والنكران يطلقون رصاصة الرحمة ويقطعون شعرة معاوية بينهم وبين المملكة العربية السعودية ويستعدونها أكثر من الحوثي الذي يتحارب مع السعودية على مدى 5 أعوام متتالية. ويصفونها بدولة الإحتلال بعد أن فاضت خزائنهم من الأموال السعودية فأصبح ينطبق عليهم قول المتنبي حين قال: "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا" فعندما تدفع حكومة الإخوان المسلمين بنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية أحمد الميسري وإلى جانبه وزير النقل صالح الجبواني وربما وزير الشباب والرياضة نايف البكري ويطلق الميسري تصريحات نارية وجاحدة على السعودية فهذا لا يعني أن يحمل اللوم الميسري بمفرده أو الجبواني بل يجب أن يدرك كل من لا يزال يوالي حكومة هادي أن الخطر الحقيقي يكمن بالرأس الذي يتم منه إفراز السموم عبر هذه الذيول التي تتنكر للمعروف وتقابل رد الجميل بالجحود وتصدر التهم للآخرين.
لقد بلع الجنوبيون ألسنتهم وربطوا على قلوبهم بعد أن وقعوا على اتفاقية جدة وهم يتجرعون السم ولكن كل هذا لا يعني ضعف أو ترهل أو أنهم يلهثون وراء سلطة أو أن يحصلوا على حقائب وزارية.. إنما تم هذا من باب الإحترام والتقدير لطرف الوسيط، فالسعودية وإن اختلفنا معها في التباينات إلا أننا لا نختلف معها في الثوابت والمبادئ وحسن الجوار، فستبقى دولة جارة وشقيقة مهما بلغ ذروة الخلاف في السياسة ووجهات النظر، فالجنوبيون ليس من شيمهم نكران الجميل وممارسة الغدر والخيانة وأسلوب العصابات والطعن من خلف الظهور. كما يجب أن تعلم السعودية أنه إذا كان هناك تحقيف انتصارات وتحجيم دور الحوثي فالفضل يعود للجنوبيين، فهم من ثبتوا على الأرض وهم من قدم التضحيات وهم من صنع الإنتصارات، ولا أحد ينكر الدعم السخي الذي قدم لهم من قبل الأشقاء في التحالف ولكن مهما بلغ حجم الدعم فلن تصنع الإنتصارات مالم تتوفر الإرادة القتالية لدى الناس بالداخل. لأنه عندما نقارن الإمدادات التي حصلت عليها الشرعية من قبل التحالف ربما تفوق ما حصل عليه الجنوبيون بعشرات الأضعاف، ولكن النتيجة كانت سلبية تماماً فهم لم يحسموا معركة ولم يحققوا بصيص أمل في الشمال. بينما الجنوبيون حرروا كامل الأرض الجنوبية على جناح السرعة وبفترة وجيزة لا تتجاوز 3 أسابيع. فبدل أن يتم مجازاة الإحسان بالإحسان وتضع الشرعية يدها بيد الجنوبيين وتجعلهم قدوتها لتحرير صنعاء وكامل الأراضي اليمنية أصبحت تستعرض بعضلاتها وتمارس تنمرها وتصوب سلاحها صوب الجنوب. لقد أصبحت أياديهم تعبث بالجنوب ويريدون تفجير صراع في كامل المحافظاتالجنوبية، ويحاربون من كانوا ملاذهم وطوق نجاتهم في أحلك الظروف عندما تركوا الوطن هاربين وهم يجرون ذيول العار والهزيمة. الخلاصة: يجب أن تدرك السعودية وكل من لا يزال يتعشم الخير والحلول من الشرعية أنهم يراهنون على جواد خاسر وحليف غادر. كما يجب أن تعلم السعودية أن الجنوبيين هم وحدهم من يجب أن تبنى معهم شراكة حقيقية ومصالح مشتركة، فهم من يحمل المشروع العربي وهم من يبعدون أي خطر قادم يهدد جنوب الجزيرة. كما يجب أن يدركوا جيداً أن لا حل في اليمن والمنطقة مالم يتم احتواء الجنوبيين وقيام دولتهم المستقلة بعيداً عن العبث وسياسة لي الذراع. فأي حلول تنتقص من مشروع التحرير والإستقلال واستعادة الدولة الجنوبية لن يكتب لها النصر، وستفشل جميع الحلول ونعود إلى نفس الدائرة ونفس الدوامة، وهذا ما سينعكس سلبياً على دول الخليج وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية!!