لا تزال الحكومة اليمنية في نظر الكثيرين هي الممثل الشرعي لليمن، وذلك لما تحظى به من اعتراف دولي ودعم اقليمي أهلها لسنواتٍ عديدة لتكون مظلة للفساد والمفسدين برعاية التحالف العربي وتحت اشراف قيادته. وقد استغلت الحكومة اليمنية اقامتها في المهجر، وبعدها عن الوطن وشئون المواطنين، فعكفت على دراسة أسرار الأرتزاق السهل الذي اكتشفته خلال فترة الاغتراب. وقد كشفت الدراسة وجود علاقة طردية بين التمرد والارتزاق، وأثبتت ان أبواب الأرتزاق السهل تفتح لمكافحة أي تمرد وتوصد عادتاً عندما تختفي انشطته. وقد لوحظ جلياً في الآونة الأخيرة محاولة الحكومة اليمنية تطبيق نظريتها الجديدة عملياً. وقبيل التوقيع الرسمي على لأتفاقية الأخيرة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي التي حولت الأخير من متمرد على الدولة الى شريك سياسي فاعل، ابتعثت الحكومة اليمنية نأئب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني لزيارة بعض المحافظات الجنوبية، توقعها الكثيرين حينها إنها زيارة تمهد لتوقيع أتفاقية الرياض. وخلافاً للتوقعات اتضح ان الوزيرين في مهمة تمرد رسمية ضد الاتفاقية وضد التحالف العربي، وهو ما يدعيان له جهارا نهاراً في كل لقاءاتهما مع قيادات وأعيان وممثلي منظمات المجتمع المدني في محافظتي شبوة والمهرة. انها تناقضات غريبة وسلوكيات سياسية مدهشة تنتهجها الحكومة اليمنية ويرعاها التحالف العربي.
والخلاصة ان الحكومة اليمنية قد ادركت ان التحالف العربي يوشك على إنهاء تمرد صنعاء كما وعد به قبل خمس سنوات، ولكن هذه المرّة بالاعتراف الرسمي به ومعالجة جروحة والتصالح معه. وإذا لم يكن هناك من تمرد يذكر فأن مصادر الارتزاق ستوصد أبوابها، وهو ما سيؤدي الى الموت المفاجئ للحكومة اليمنية. لذلك حرصت حكومتنا الرشيدة على تفريخ التمرد والمتمردين من داخلها لعلها تطيل في حياتها ما أمكن، وهذا ما نلاحظة ونسمعه هذه الأيام بقيادة الوزيرين الميسري والجبواني، وبتمويل حكومي، وربما سعودي أيضاً لغرضٍ في نفس يعقوب. فهل نقراء السلام على اتفاقية السلام، ونهيئ انفسنا لسنواتٍ عجافٍ أخر؟ أم ان من يتزعمون ذلك التمرد المفتعل ليسو إلّا كمثل الشعراء يتبعهم الغاوون وتراهم في كل وادي يهيمون ويقولون مالا يفعلون.