ان الاختلاف القائم اليوم بين الشمال والجنوب هو حول الكيفية الحوارية باعتبار الشمال لا يمانع التعامل مع أي طرح للجنوب شريطه كما يرى الشمال ان يمر طرحه بواسطة الحوار الوطني , والجنوب يرفض رفضاً مطلقاً تركيبة وصيغة هذا الحوار الذي بلغ مدى مفرط في التعقيد , فإذا الشمال يرى ان الوحدة قرار الجنوب فعليه ان يرتقي للتعامل الشفاف وفق هذا الحق الجنوبي باعتبار الوحدة قامت من قرارين ولم تقم من ثلاثة قرارات كما هو حاصل الآن في الحوار الوطني , وعلى الشمال التخلي عن الرهان على بقاء الوحدة من خلال فرصه تصنعها الكيفية الحوارية المصنوعة بفكره شماليه , إما إذا كان الشمال سيعود إلى فرض الوحدة بالقوة فماذا بقي للجنوب لكي يتحاور عليه .
وعلى أساس ما تقدم فانه لا يجب مطلقاً إخضاع الحق الجنوبي في الاستقلال وتقرير المصير لجدلية الكيفية الحوارية لان ذلك سيمثل امتهان لقدسية السيادة والاستقلال في دول العالم اجمع بل انه يجب إخضاع الكيفية الحوارية لمشيئة قدسية الحق الجنوبي باعتبار الوحدة قرار للجنوب .
ان الجنوب وان كان ذلك قد حدث في لحظه متأخرة فانه قد تمكن وبإجماع الأطراف السياسية من صناعة موقفه السياسي الصحيح في مطلبه لاستعادة دولته وهو الانطلاق من البناء على ( القرار للجنوب) وذلك من خلال طرحه الحرية والاستقلال وتقرير المصير كموقف جنوبي مشترك لطرحه أمام الشمال والذي يحفظ توجهات الجنوبيين ككل , وبهذا يكون الجنوب قد خرج من الوقوع في الأخطاء السياسية والكره في ملعب الشمال .
ان نضال شعب الجنوب الأسطوري في دحر مفهوم الوحدة بالقوة يمثل أعظم قيمة قدمها الجنوب للبشرية اجمع في العصر الحديث والعكس صحيح فان موقف الشمال في التعنت وفرض الوحدة بالقوة يمثل أسوء قيمة يقدمها الشمال للبشرية في العصر الحديث . ختاماً : ان مطلب الجنوب هو استعادته المستقلة لأرضه وحقه فيها وسيادته عليها , أنها وطننا الذي يعيش فينا ونعيش فيه وأنها أرضنا التي وهبها لنا الله كسائر شعوب الأرض في بلدانها , وأنها بلدنا التي خلقنا فيها وسنموت فيها ونريد ان نبعث منها لملاقاة الله رب العالمين .
قال تعالى (( وإما الزبد فيذهب جفاءً وإما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )) صدق الله العظيم..