كتب/ محمد صالح الشحيري تاريخ الحضارة الانسانية يؤكد ان التطور الحقيقي لم يصنعه جنرالات وقادة الحروب، بل صنعه ويصنعه المبدعون من ابنائها كتاباً وفنانين وعلماء ومخترعين ومبتكرين. وربما تكون الثقافة التقليدية في الاطار الفني احد الاسباب في تهميش قيمة الفن والفنانين ونقصد بالثقافة التقليدية : - ان المجموعة المثقفة في الفن والتي تميزت عناصرها على الحركة والتوالد والانتشار حتى خارج الاطار الزمني والمكاني للاحداث الفنية.. وكانت قادرة على الاقناع والمجابهة في نشر ارهاصات الفن والفنانين. - بينما المجموعة الاخرى من الاقلام فكانت جامدة متصلبة في الرأي ونقل ما هو آلي ومفروض في الدعوة للنقل الالزامي وهذا مثل عند هؤلاء جزءا من الثقافة التقليدية.. وهي تمجيد اللحظة واحتقار الحاضر والتخوف من المستقبل. واذا كانت مرحلة الابداع قد انتهت او توقفت يمنيا وفي أبين على وجه التحديد لانها ابرزت لنا مواهب فنية بل هي منجم المواهب ليس في الفن الغنائي بل في كل الاصعدة الثقافية والفنية والسياسية والعسكرية والامنية فأبين هي من انجبت الفنان محمد محسن عطروش والفنان محمد علي الميسري والفنان الشعوي والفنان عوض احمد والفنان عثمان مريبش والفنان عوض والشاعر عمر نسير والفنان عوض دحان وعبادي وغيرهم، وليعذرني من لم تسعفني الذاكرة بذكرهم. لكننا بصدد العطاء لفنان بحجم وطن ومشوار لنصف قرن.. الفنان عوض احمد!. لنعطيه الامل في مواصلة الابداع وتحريكه من الجمود، وان كان في مقتبل العمر، بأن صوته وابداعه لايزال قويا..!. قبل ايام قليلة انتفضت مجموعة مثقفة تحاورت وجاشت في صدورهم ومشاعرهم فكرة التكريم لفنان اكتملت فيه صفات الفنان والمبدع ليتم اختيار الفنان عوض أحمد وهي الشخصية التي نالت هذا التحريك الابداعي في ثقافة التواصل الاجتماعي من موقع واتسآب اسمه (أبين الخير والعطاء) كتأكيد بان أبين فيها الخير والعطاء باهلها ومثقفيها وفنانيها ومبدعيها لينال هذا الفنان التكريم يوم 3 نوفمبر 2019م بالعاصمة زنجبار بقاعة الفقيد مطهر الكوني صباحاً في خطوة كانت ارتجالية لم يصدقها احد حتى تفاعل معها الصغير والكبير بما فيها السلطة المحلية بالمحافظة ومكتب الثقافة بالمحافظة ومدير مكتب وزير الثقافة الزميل عبد الحكيم عبيد لتغطية النقص والقصور الذي يرافق عملهم تجاه الابداع والتكريم ؟ فالفنان عوض أحمد الذي يحمل كل ما تعنيه كلمة فنان يستحق اكثر من التكريم ورغم انه ارتحالي الا انه اصبح خطوة يعتز بها اصحابها من المثقفين لتكون بمثابة تحريك المياه الراكدة في اودية بنا وحسان بأبين لانتشال الركود ودق ناقوس المشاعر الفنية والثقافية لاصحاب الاختصاص. واذا عدنا الى كلام الامام علي كرم الله وجهه عندما قال: “قرنت الهيبة بالخيبة.. والحياء بالحرمان.. والفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير”. وهي خطوة خير لإخواننا في موقع التواصل الاجتماعي وحبهم للفنان عوض أحمد فانتهزوا فرصة الخير بتكريم هذه المؤهبة الغنائية في أبين. وفناننا المعروف عوض أحمد عرف بالصمت والعفة حتى اصبحت زينة لصوته وصورته وشخصه ومشواره الفني بل اصبح غنياً بهذا الصمت وكان قدر هذا الفنان على قدر همته وصدقه على قدر مروءته ومواصلة مشواره الفني وحبه لوطنه وفنه على قدر أنفته وغيرته المتزايدة على قدر عفته الى ان اصبح نجماً ساطعاً يشار له بالبنان ولا يمكن لاي جيل من الاجيال ان ينسى صاحب الصوت الشجي في اغنية (أماه) الصفات الانسانية بصوته المتوارى وراء التلاحم والتراحم ونشر المحبة والاخاء في رائعة عبدالله مقادح أغنية (تجابروا يا ناس) وغيرها من الاغاني التي لازالت ترن في اذاننا حتى اكسبتنا الروح الفنية بحفظها ومتابعة سماعها مثل اغنية (عرفت الناس) للشاعر صالح نصيب والحان الفنان المبدع محمد محسن عطروش منتصف السبعينات.. واذا كان النجم المتألق قد منحته موهبته ان يظهر بين النجوم الكبار فهذه دلالة على اكتناز أبين على مواهب ظهروا ويظهروا باستمرار عند التنقيب عنهم والبعض يظهر من تلقاء نفسه بموهبته مثلما ظهر فناننا المخضرم عوض أحمد!.
هكذا عرفناه بهذا الاسم الفني وهذه ليست رسالة عابرة او سطور للمدح والتبجيل بل نحن امام شخصية افنت عمرها في خدمة الفن والوطن والمحافظة شخصية رسمت صفحات وتاريخ فني لأبين انطلاقا من الندوة الفضلية الى مشواره الثنائي مع العطروش والى ماوصل اليه اليوم فقد اصبح رمزاً فنياً للمحافظة مع الفنان المبدع اطال الله في عمره محمد محسن عطروش والذي هو ايضاً بحاجة الى نفس اللفتة والتكريم بل والعلاج اولا وبعده التكريم. فالفنان عوض أحمد اطال الله في عمره يحتاج الى تكريم دولة وليس تكريم مجموعة من الاخوان عبر وسائل التواصل الاجتماعي وان كانت خطوة طيبة لأصحاب النوايا الطيبة للاقتراب من اسوار الهموم التي تعيشها المحافظة ويعيشها الفن والفنانون خصوصا هذا الفنان وغيره كثيرون ينبغي ان تستمر هذه التجربة لتكون رسالة لوم للوزارة المعنية بهذا التكريم.. والتي وعدت أن تكرمه اجمل تكريم وجاءت هذه الكلمات على لسان مدير مكتب الوزير بان الوزارة ستعمل على تكريم الفنان عوض احمد احسن تكريم.. وهو الكلام الذي لا نريده أن يكون كلاما عابرا، فهذا تذكير للأخ الوزير وهي فرصة بالتذكير في صحيفة (عدن الغد) الغراء التي طلبت مني اعداد هذه المادة للفنان عوض وتذكيرا بان يفي بوعده بالتكريم الذي يليق بحجم الفنان عوض احمد. وهذا التكريم الحكومي سيكون بمثابة الخطوات الطيبة وهي محسوبة لسيادة الوزير .. وخطوة تنبئ عن يقظة واستعداد كامل لكسر حواجز الصمت وكذا تطوير هذا الواقع الذي تعيشه محافظة أبين اليوم. ان الماضي الذي طويناه يبدو لنا دائماً حافلاً بالاخطاء الى حد اننا عندما نريد التصدي لها لاندري من اين نبدأ فمتى نملك القدر من الشجاعة الذي يمكننا من مواجهة كل تلك الحقائق المريرة. ولأنني مؤمن بان أبين حافلة بالمواهب والنجوم الذين يحملون مشاعل الشمعة الحقيقية للنهوض بهذه المحافظة وان كانت قوى الفساد مهما تشتد فلن تقوى على طمس الحقائق بان أبين منجم ومنبع ومصنع الرجال والمواهب حتى اصبحت ولادة على مدى الزمن. وهذه الخطوة بتكريم الفنان عوض أحمد بلبل بنا تنبئ بالروعة والاشراق في الايام القادمة، لأننا بحاجة ماسة لمواجهة الخلل المروع الذي يوشك ان يفقد قيمة وحجم ووزن ومقدار المحافظة بما تتمتع به من صفات وخصائص ظلت ترزح تحت التهميش والابعاد لأن الضمائر التي يشبعها اصحابها الى مقابر التنازلات ينبغي الا تتحكم في مصائر اجيال هذه المحافظة ومبدعيها وفنانيها وكوادرها وقياداتها!. وليعذرني الجميع في الكتابة العاجلة لأن الكتابة الحقة لا تكفي لإتقان صياغة جملة في الاسلوب والبراعة في تكوين عبارات جزيلة وغير ذلك من ادوات الفصاحة المعروفة لأنها وحدها لاتعطي قيد انملة ما ينبغي ان نعطيه لهذا الفنان وهذه المجموعة المثقفة التي اصرت على التكريم في ظل الاوضاع السياسية الحالية وما ينبغي ان نعطيه لهذا الفنان من تكريم واسلوب في التعبير وفصاحة في الكلمات لمشواره الفني لاكثر من خمسة عقود من الزمن. وهذا الجزء الاول من مشوار طويل سار فيه الفنان عوض احمد طوال مسيرته الفنية.. ويكفي فخرا أن تقوم الجهات ذات الاختصاص بالتكريم للمواهب والمبدعين وهم احياء افضل مليون مرة من التكريم بعد الموت!. وهذا ما ينبغي أن نقوم به في أبين وتحريك الركود في كافة المجالات من خلال اختيار القيادات التي تواكب التطور والابداع بدلا من القيادات التي عفى عليها الزمن او القيادات التي لم تظهر ما يستحق اظهاره لأبين الخير والعطاء.. وهي مناشدة للأخ اللواء ابوبكر حسين سالم محافظ أبين بان يختار القيادات التي ستعطيه الثقة بالعمل من خلال ما سيلمسه المواطن على الواقع بالتحريك الثقافي والتربوي والصحي والتنموي والخدماتي بدلا من السكوت على ادارات لاتفيد ولايستفاد منها. وإلى اللقاء في الجزء الثاني من مسيرة بلبل بنا الفنان عوض أحمد بإذن الله.