ناقشت في الآونة الأخيرة بعض الجنوبيين المناصرين للمجلس الانتقالي الجنوبي ولاحظت أنهم مطمئنين لوضع القضية الجنوبية اطمئناناً كبيراً وعند سؤالي لهم عن سبب اطمئنانهم هذا كانت إجاباتهم أن الموقف الإقليمي والدولي في صالحنا !! مع الأسف الشديد البعض لا زال يعتمد على الخارج في حل القضية الجنوبية وأغفل التلاحم الداخلي بين أبناء الشعب معتقداً أن الخارج قد يحسم الأمر . الدعم الإقليمي والدولي للقضية الجنوبية مهم جداً بالنسبة لنا كجنوبيين ولكنه ليس مضموناً ولا يمكن الإعتماد عليه خاصة إذا كانت الجبهة الداخلية مفككة والنسيج الاجتماعي ممزق أو على مشارف التمزق . في عامي 1990 و 1994م ذهب الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب لإعلان الوحدة ثم اعقبها الحرب مع الشمال دون أن يوحد الجبهة الداخلية التي كانت ممزقة بسبب أخطاء قادة البلاد في ذلك الوقت . واعتمد في حرب 94م على موقف دول الخليج التي كانت تدعمه وتؤكد أن الوحدة لا تفرض بالقوة . فماذا كانت النتيجة ؟ على الرغم من أن الاشتراكي كان يدير بلداً يمتلك جيشاً نظامياً مدرباً على مختلف أنواع الأسلحة ويقوده ضباط متخرجين من أرقى الكليات العسكرية في العالم . ويمتلك أسلحة نوعية كصواريخ سكود وطائرات ميغ29 وغيرها من الأسلحة . وعلى الرغم من عدم انتشار الفساد المالي والرشوة وانتشار الأفكار الحزبية للجماعات والأحزاب الدينية في الجنوب إلا أنه هزم شر هزيمة وولّى قادته هاربين ولم ينفعهم الدعم الخارجي سواءً كان عسكرياً أم مالياً أم سياسياً . لأن مواقف الدول تتبدل بين ساعة وأخرى بحسب مصالح تلك الدول . والسبب في تلك الهزيمة أن النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية كانت مفككة شعبياً . وكان كثير من المواطنين متذمرين من نظام الاشتراكي في عدن ويتمنون الخلاص منه معتقدين أن نظام صنعاء سيقدم لهم حياة معيشية أفضل . ليس من العيب أن يخطئ الإنسان ولكن من العيب أن يستمر في الخطأ . وليس من العيب أن يعيد المجلس الانتقالي تقييم نفسه داخلياً ومراجعة الأخطاء وتصحيحها والانفتاح على الجميع والسماع منهم وأن يحاول جاهداً لملمة الصفوف وتوحيد اللحمة الوطنية . فالمكابرة والاعتماد اعتماداً كلياً على الخارج وإغفال اللحمة الوطنية خطأ فادح وقع فيه قادة الجنوب السابقين ودفعنا ثمنه سنين عديدة من الضياع والتشرد والحرمان ....