عندما يتعرض وطنك للقمع والتخوين تنشأ أجيال لا تحتاج إلى الحرية، وتتعايش مع الاستبداد، والعبودية وتخضع لأي محتل يوفر أبسط الاحتياجات فيقابلها بالصمت والخضوع والإذلال دون قول لا، أو لماذا أو إلى متى؟ أو ما المقابل؟ وهذا المواطن المسالم عند بعض وزراء اليوم هو مواطن مثالي.. وتنحصر اهتماماته على شيئين: لقمة العيش وجروبات في الواتس آب، الفيسبوك وتبادل نقل الشائعات والمناكفات الإلكترونية.. وبهذا التدمير الممنهج للتعليم.. واستهداف الشيوخ وأئمة المساجد اختلطت أوراق الدخلاء والمستعمرين فقدت البلدة ثقتها وضعف إيمان شبابها وهممهم.. شريحة في المجتمع نمت المتاجرة واستعطاف ودجل لا علاقة له بحقوق الله ولا حقوق العباد ولا العدل، وإنما هو مجرد أداء حركات تعبدية يجب أداؤها ولا تؤثر في سلوكه اليومي.. فمن الممكن أن يشهد الزور ويكذب وينافق ويرتشي وينصب ويأكل أموال أسر الشهداء وقوت أولادهم الذين كانوا سببًا في بقائه حيا يشعرون بالذنب فقط إذا فاتتهم إحدى الصلوات ! لا يدافع عن دينه إلا إذا تأكد أنه لن يصيبه أذى.. فقد يصرخ غضباً في الندوات والفعاليات ضد الدول التي تصمت حول القضية الفلسطينية او الدول التي تحلل ماحرمه الله لأن ذلك ضد شرع الله.. لكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين من إخوانه في بلاده وعدد الذين ماتوا منهم أثناء التعذيب !! ولا يتحدث عن الفساد التعليمي والتربوي والإداري والمالي وعمليات السطو بقوة السلاح فوق الأبرياء ظلماً والحرب الأهلية والفتن وزرع العنصرية، ولا يفتح فمه عن عدد المخفيين قسراً في بلده.. وبعد ذلك يحمد الله على الأمن والأمان والقيادة المسيطره !!؟ لقمة العيش هي الركن الاول والمهم لحياة المواطن المسالم فهو لا يهتم إطلاقاً بحقوقه السياسية ورأيه حول ما يجري في المجتمع ويتجنب الأعمال الطوعية ولا يبدي ما في فكره او محتوى كيانه وإنتمائه، بل يختبئ ويصمت من قول رأيه إذا كان ذلك يخالف سياسات الدولة، ويعمل فقط من أجل أن يتزوج ويربي أطفاله حتى يكبروا .. فيزوج البنات ويجند الأولاد ويظن أنه حسن الختام. أما في الانترنت فيجد المواطن تعويضاً له عن أشياء حرم منها في حياته اليومية فالغوص في بحر وسائل التواصل الاجتماعي ينسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها.. ساعة فقط تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع. اخي المواطن المسالم يجب أن تعلم أنك أنت العائق الحقيقي أمام كل تقدم ممكن أن يسعى إلى قيام واستعادة الدولة. ولن يتحقق التغيير إلا عندما تخرج من عالمك الضيق وظلامه الطويل.. وتأكد أن ثمن السكوت على الاستبداد وعدم قول لماذا ومن أين ومتى و لا ! أفدح بكثير من عواقب الثورة ضده!!