عرفناه منذ صغر سنه فكان دائم الزيارات والتردد علينا هنا في حضرموت تحديداً الساحل الشرقي مدينة الشحر والمحتمية مدينة الحامي إلا إن للحامي مكانة خاصة عنده وارتبط بعلاقات وطيدة وقوية مع كثير من أبنائها.. لم تكن معرفتنا به معرفة عادية مثل ما نعرف من الناس الكثير لكن هذه المعرفة تبعتها أشياء أخرى كثيرة أول هذه الأشياء هو إعجابنا بجمال صوته العذب الذي اخذ ما اخذ منا من حواس ثانياً هو إقدامه ومنذ بداياته الأولى على اقتحام اللون الغنائي الحضرمي الذي له الحان متنوعة مع اننا كنا في تخوف كبير من عدم إتقانه لهذا اللون بحكم لهجته اللحجية إلا انه ابعد هذا الخوف وأعطانا الطمأنينة واثبت العكس فأصبح عندنا الفنان المفضل في أداء الأغاني الحضرمية الى جانب إخواننا الفنانين من أبناء حضرموت أيضا . تعاون مع كثير من شعراء وملحنين من حضرموت يأتي في مقدمة هؤلاء ابن مدينة الحامي الشاعر الراحل محمد احمد باعكابة فهذا الشاعر أعطى لهذا الفنان جل إنتاجه الشعري الغنائي وشكلا ثنائي جميل ورائع سيظل عالقاً في الذاكرة , لما له من مقومات البقاء والديمومة في ذاكرتنا, فالشاعر باعكابة قدم الكلمات العذبة الرقيقة وفناننا الربان كان رائع في اداء هذه الكلمات أما الألحان فهي في غاية الروعة والعذوبة وتتماشى سوياً مع الأداء والكلمات في نفس الطريق طريق النجاح والإعجاب من قبل الجمهور والمتلقي .
ومن هذه الاغاني على سبيل المثال (انا استاهل اللي صار, رجعوها كما كانت, ان كنت ناسي الماضي, سلام الله على الحامي). وأغاني اخرى كثيرة كل هذه الأمور جعلت معرفتنا وعلاقتنا به قوية بالإضافة الى اتقانه الأغاني اللحجية التي تربى ونما عليها في الوهط والحوطة المحروسة, اغاني القمندان وعبد الله هادي سبيت وسعودي احمد صالح تلك الأغاني التي أحببناها كثيرا وهي من جعلت لنفسها مكانة في نفوس الجميع ومحال ان ترحل من داخلنا مهما حصل من متغيرات وتقلبات في هذا الزمن الذي كثرة تقلباته وتغيراته وأصبحنا فيه لا حول لنا ولا قوة بل اننا ضحاياه.
من منا ينسى اغاني الربان اللحجية (سلام مني عليكم يا حبايب, زمان والله زمان, يلي تبون الحسنى, الا بامعك, لما متى تبكي ياقلبي المجروح, يا بوزيد) وباقي الأغاني الأخرى الجميلة لا اعتقد ما تقدم مبهم او يكتنفه شيء من الغموض فما سبق من كلام هو عن الفنان المبدع بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى حتى الاشارة الى بعض اغانيه كافية للتعريف به وبمسيرته الحافلة بالعطاءات الكثيرة والغزيرة انه الفنان عبود زين السقاف الملقب (عبود خواجة) أو ما يحلى لنا من لقب اخر اتمنى تعميمه لما له من حلاوة وانسيابية في ألستنا ويحلى نطقنا به (الربان) مثل ما اتينا به في عنوان المقال, عبود لم يخذلنا ابداً بل مثل ما عهدناه دوماً حتى انه جعل العلاقة به أقوى من السابق في ازدياد ملحوظ..
ألم يكن الوحيد السباق دون غيره من الفنانين الجنوبيين, فهو شعر وحس, بحسه المرهف بما نحن فيه, فأخذ على عاتقه قضية شعبه الجنوبي الذي يرفض الظلم ولا يقبله ويمقت الأشياء الدخيلة والغير سوية, فبعد الله كان الربان العون والنصير في اخذ زمام المبادة وجعل قضية شعبه همه الأول والأخير فلو فعل مثل بعض الفنانين وغنى وظل مع المطلبين لن يخسر شيء مادي بقدر ما يخسر سمعته وسمعة أهله المعروفين بنصرة المظلوم لا الظالم, يتضح أن التربية لها دور مهم في أخلاقياته الحميدة.
ماذا سيخسر لو غنى من مثل (يا بشير الخير) وأغاني النفاق الأخرى التي مللنا سماعها فلو كلف نفسه ذلك وهو محال ان يفعله الربان حتماً سيكون في عيشة هنيئة حتى انه ما ان ينتهي من أداء هذه الأغاني إلا والعمولة موجودة في اقرب محل صرافة لديه لكنه رفض ذلك وأنا متأكد انه عرض عليه هذا الأمر الرابح والمربح مراراً وتكراراً.
وهكذا يبقى الأصيل أصيل لا تؤثر فيه متغيرات الحياة وتقلباتها هذا هو الربان الذي يتحفنا بين الحين والآخر بإبداعاته المتجددة, لعلمك يا اخي الربان اننا دوماً نردد معك الأغاني الثورية الحماسية ( لا عاد بى الوحدة ولا أنا وحدوي, اليوم شمر ساعدك يا بن الجنوب, من اجل ان نعيش احرار, نوفبر اليوم جانا) وكل الأغاني والاوبريتات التي ساعدت ولا زالت تساعد ابناء الجنوب وتعطيهم الدفعات القوية الى الأمام لكي ينتزعوا حقوقهم المغتصبة ويستعيدوا دولتهم السابقة دولة النظام والقانون والعدل والمساواة لهذا نقول استمر فنحن في امس الحاجة لك ولأمثالك من الفنانين الثائرين وربي يعطيك الصحة والعافية الدائمة وان شاء الله عما قريب نلتقي في ربوع حضرموت خصوصاً محبوبتك ومحبوبتنا جميعاً المحتمية مدينة الحامي, ارض زميل دربك الراحل باعكابة.
اخيراً استمر على نفس هذا الخط, خط الاحرار والشرفاء وكن ثائر مجاهر بصوتك الذي يرعب الطغاة ويزلزل الأرض من تحت اقدامهم ولا تبالي بشيء, فنحن وإياك نتنفس من رئة واحدة وهي رئة الحرية لا غيرها يا ربان الثورة الجنوبية وحادي عيسها, الظامي العاطش للحرية مهما كلفته من ثمن باهض فهو يهون اما الحرية التي نسعى لأجلها يا ربان يا حبيب الشرفاء أصحاب القرار قرارنا في جنوب الأحرار.