ما زلت مدوخا من أصحاب نظرية المؤامرة، ويقينهم أنها سبب هذا الفيروس الجديد! لو عرفوا أن تاريخ البشرية عبارة عن مسبحة من جوائح من هذا النوع، لكانوا، بدلا من يقينهم، قد استغربوا، واستفسروا: لماذا لم تتفجر جوائح عالمية منذ "الانفلونزا الأسبانية"، قبل حوالي قرن، سبقته جوائح الطاعون التي لا تعد ولا تحصى؟...
والجوائح القادمة تنتظر البشرية أسرع فأسرع، لسبب بسيط:
الإنسان يعتدي على الطبيعة أكثر فأكثر، بحثًا عن الربح السريع.
يصل لمناطق بيئية منتهكة لم يعتد جسمه عليها.
ويدخل في علاقة بيولوجية مع فيروسات لم يتعود عليها في:
—- الغابات التي تُقتلع في كل مكان (مثال جلي نعيشه في معظم أرجاء العالم).
—- "أسواق الحيوانات الحية" (في الصين، وفي مدينة يوهان التي اندلع منها الكورونا: حيوانات بعضها مفترسة، أو مريضة، أو ميتة ربما!
مثال آخر حي نعيش اليوم تداعياته مباشرة).
—- بعض مناطق البحث عن البترول والمعادن في أفريقيا، التي لم يصلها إنسٌ قبل البحث ولا جان...
الشيء المقرف جدا هو أن خبراء الجوائح والفيروسات قد أنذرونا من زمان من جوائح "تداعيات الأمراض الحيوانية"
الآتية من انتهاك إيقاع المنظومة البيئية، والاعتداء على المناطق البيئية والطبيعة، والاحتكاك بفيروسات لم ترتبط يوما ما مع جسد الإنسان بعلاقات ديبلوماسية، أو حسن جوار...
بس أنظمة دول العالم، لا سيما النيوليبرالية، من الصين إلى أمريكا، مرورًا بأوروبا، مشغولة بصحة الأسواق المالية، ووتيرة الإنتاج الاقتصادي، والتنافس المحموم، وحرية التجارة...
الآن جميها تدفع الثمن، حتى لا أقول مصطلحًا لا أحبه، لكن هذا وقته: "تأكل الخرا".