دائماً مشكلتنا في الجنوب أننا نعيش في وهم الأشياء و ليس واقعها ، و نمتلك خطاباً يتمترس في زاوية الشطط و الفكر المقدّس المحتكر غير القابل للقسمة ، وما تزال تعشعش في روؤسنا مصطلحات الإلغاء و الضم و انتهازية استغلال حاجة الناس للوطن و لو كان بصورة أهون الشرين ، فإذا أخذنا على سبيل المثال الهجوم غير المبرر على السعودية لوجدنا ذلك واحداً من أهم نقاط الإفلاس الذي نعانيه في كل شأن فإن كان الأمر يستطيب له الناس ف لنا وإن كان جائراً فهو نصبٌ و فخٌ جديد من الشرعية و داعمتها السعودية ، أمور يُصْعَب أن يستوعبها عقل .. كيف لمن وضع لك مقعداً موازٍ للشرعية كان قبل حين ضربٌ من الأحلام أن يعود ليحتال على ما صنع ؟ ! .. ثم يأتي العداء المقصود مع سبق الإصرار و الترصد للشرعية التي قَبِلْتَ السير سوياً معها .. الأحرى أيها الكرام أن تدعوا للعودة إلى اتفاق الرياض ، فهو المُنقذ و هو مفتاح الحلول للطرف الجنوبي أرضاً و إنساناً ليس أرضاً و كفى .. لا تذهبكم الأوهام أن السعودية ليست الإمارات فالدولتان خاضتا المعترك بقدرٍ من الحصافة و الحنكة و الاقتدار و حققتا نجاحات لا ينكرها جاحد و هي لا تزال تسير باستراتيجيةٍ متقنة ، إلا أن من يعيقها هو من تريد إنصافه ! ، لكن إنصاف الأوطان لا تقبل الشطط الأهواء و النزعات الانفعالية الممزوجة بالنرجسية العاطفية الأنانية . الأمور ليست بالمسافات التي نقيس بها مقتضانا فالأشقاء لديهم غايات لا بد من تحقيقها ، كان الإصغاء للجنوب مؤشراً يضمن انجاح غايات للأشقاء و الجنوب معاً بشكل تدريجي ، لكن الجنوب لم يستوعب بعد هذا البُعد الجوهري و لم يقدم نموذجاً يحمل النَفَس الطويل و المرونة السياسية الكافية التي تجعله قوةً يمكن قبولها و الوثوق بها ، فالبحث عن أعداء و ركام من مصطلحات التخوين و الارتزاق و عدائه المزمن مع الشرعية من أجل العداء بما في ذلك الأخوة أبناء الجنوب هو ديدن خطابه من زمن بعيد و مازال في نقطة الانطلاق ذاتها . ومع أننا لا نحب السياسة و لكن السياسة ليست خُدَع و لا أكاذيب و لا تلوُّن . السياسة هي أن تكون الأميز لتقديم الأفضل و هو ذات المعنى الذي يوجزها ب فن الممكن . لم نشعر بوجود سياسة تحمل هذه القيم . فعموميات الخطاب العقيمة لدى الطرف الجنوبي تتمحور في العَجْز عن انتاج عقلنة خلّاقة جاذبة بعيدة عن جفاف الرؤية . فالناس هنا تتوق لوطنٍ يجب احترام التوجه العام لها وليس استغلاله ..