البحسني وبارجاش يضعان إكليل الورد على ضريح الجندي المجهول بالمكلا    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    إصابة ثلاثة أطفال جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات بالضالع    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    ضبط 54 متهمًا في قضايا جرائم جنائية    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    ليس وقف الهجمات الحوثية بالبحر.. أمريكا تعلنها صراحة: لا يمكن تحقيق السلام في اليمن إلا بشرط    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائةُ عامٍ على تفكيكِ سوريا وتمزيقِ الوطن
نشر في عدن الغد يوم 28 - 04 - 2020

قبل مائة عامٍ تماماً، في الخامس والعشرين من شهر نيسان 1920، قررت دول الحلفاء التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، في اجتماعها الشهير في مدينة سان ريمو الإيطالية، وضع مقررات سايكس بيكو موضع التنفيذ، والمباشرة العملية في تجزئة سوريا التاريخية، تمهيداً لشطبها عن الخارطة السياسية للعرب، وإنهاء وجودها الحقيقي على الأرض، ووضع حدٍ لدورها التاريخي ومكانتها السياسية.

فقد كانت سوريا الطبيعية دولةً محورية، تضم أقاليم عربية أربعة، تمثل قلب الأمة العربية النابض وروحها الحية، هي سوريا الشمالية، وفلسطين "سوريا الجنوبية"، والأردن ولبنان، وكانت بوحدتها الطبيعية تمثل حجرة عثرةٍ أمام أطماع الدول الغربية الاستعمارية، وعقبةً كأداء أمام الأحلام الصهيونية، وكانت منارةً فكرية وقامةً قوميةً، فكان لا بد من شطب اسمها، وتفكيك مكوناتها، وتجزئة وحداتها، وترسيم الحدود الجديدة بينها، تمهيداً للمرحلة القادمة والمهمة الجديدة.

يحتفي اليهود ويحتفل الإسرائيليون بهذا اليوم، وتحرص على الحركة الصهيونية على إحيائه، وأداء التحية لرجاله، إذ لولا هذا المؤتمر العتيد وهذا التقسيم الخبيث الذي تم بالمبضع والسكين، وبالقوة والبندقية، وبالتآمر والإكراه، ما كان لليهود أن يفرحوا بوعد بلفور لهم، وما كان لهم أن يحلموا بإعلان كيانٍ لهم في فلسطين، فقد كان وعد بلفور كلاماً أجوفاً وإعلاناً ناقصاً، كما كانت تقسيمات سايكس بيكو أحلاماً وطموحاتٍ، وتوصياتٍ وآمالاً، حتى جاءت اتفاقية سان ريمو فجعلت الأحلام حقائق والأماني وقائع، فصادقت على وعد بلفور، وباشرت تنفيذ توصيات سايكس بيكو، فقسمت الأقاليم السورية العرق والدم والتاريخ والحضارة إلى دولٍ منفصلةٍ، وأخضعت شطري نهر الأردن للانتداب البريطاني، وقطعت بسكين سكيرٍ ومؤشر جنرالٍ سوريا إلى كيانين منفصلين خاضعين للانتداب الفرنسي، وأقصت العراق بعيداً وأخضعته للانتداب البريطاني، الذي خطط لفصل البلدين العظيمين عن بعضهما البعض إلى الأبد.

في الوقت الذي كان فيه العرب غافلين عن مصالحهم، ماضين إلى أقدارهم، سادرين في جهلهم، لا يعرفون ماذا يخطط لهم وماذا يراد بهم، وماذا يدس لهم ويقدم إليهم، كانت الحركة الصهيونية تنشط مع الدول الاستعمارية وتخطط بدقةٍ، وتراكم خطوةً وراء خطوة، فقد كان لابد من مصادقة الدول الكبرى والمجتمع الدولي على وعد بلفور، الذي منحهم إياه وزير خارجية بريطانيا.

إلا أن الوعد لم يجد طريقه إلى التنفيذ الفعلي، حتى جاء مؤتمر سان ريمو، فتبناه أعضاؤه، وعهدوا إلى بريطانيا بالوفاء به وتنفيذه، وأوكلوا لها هذا المهمة، وسهلوا من أجلها انتدابها على فلسطين، فاحتفى اليهود المقيمون والمهاجرون، بالقادمين الجدد، وسهلوا مهمتهم، وأحسنوا استقبالهم، وكانوا لهم عيوناً تراقب وآذاناً تتجسس، لعلمهم أن بريطانيا قد جاءت لتمكينهم، وترجمة وعدها لهم دولةً وكياناً، وهو ما كان يحرص عليه جميع الأعضاء المشاركين في المؤتمر.

لم يقبل العرب السوريون جميعاً بقرارات مؤتمر سان ريمو، وأعلنوا في مؤتمرهم العام استقلال سوريا الطبيعية بأقاليمها الأربعة دولةً واحدة، ورفضوا المخططات الصهيونية، وانقلبوا على توجيهات الحلفاء، وأصروا على وحدة البلاد واستقلالها، وسيادتها سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وهو الأمر الذي رفضته فرنسا وبريطانيا ودول الحلفاء، وقد أغاظتهم الشعوب العربية الحرة، التي تجمعت ثائرةً في بيروت ودمشق والقدس وعمان، تعلن ولاءها للدولة السورية، وتمسكها بوحدتها واستقلالها، وتأييدها لحكومتها الجامعة، الممثلة لكل طوائفها وسكانها، والمتمسكة بحدودها وبكل شبرٍ من أرضها.

مخطئٌ من ظن أن شعوبنا العربية فَرَّطَت بأوطانها، وتنازلت عن مقدساتها، ورضيت بتقسيم بلادها، وأذعنت لمخططات عدوها، أو أنها كانت شريكةً في المؤامرة وطرفاً فيها، بل كانت صادقة في رفضها، وصلبة في مواقفها، وعنيدة في خياراتها، وصاحبة مبدأ في شعاراتها، ولو ترك لها حرية القرار والتصرف، وسمح لها بالسلاح والتنقل، كما سمحت دول الحلفاء للعصابات الصهيونية بشراء السلاح وحمله، وتخزينه والتدرب عليه، ما كانت لتقبل بصكوك الانتداب، والخضوع لدول الاستعمار والهيمنة، لكن قيادة العرب في حينها كما في كل وقتٍ وحينٍ، تتحمل كامل المسؤولية عن الضعف والهوان، وعن التسليم والقبول، فهم الذين فرطوا بالقوة التي يملكون، وبالإرادة التي يحوزون، وبالمستقبل الذي كان من الممكن أن يكون زاهياً لولا خيانة بعضهم واستسلامهم.

كلنا إلى سوريا الكبرى ننتمي وإلى بلاد الشام نتطلع، فنحن جميعاً جزءٌ أصيلٌ منها، بضعةٌ من ترابها، وقطعةٌ من أرضها، وامتدادٌ لتاريخها، لا قيمة لأحدنا بعيداً عن أمه، وقصياً عن شقيقه، فنحن إلى سوريا الكبرى ننتمي وإلى جُلَّقَ الشام ننتسب، قد أصابنا اليتم بالانفصال، وانتابنا العجز بالاختلاف، وأصبحنا ضعفاء بالفرقة، غرباء عن بعضنا رغم أواصر القربى، أعداء لبعضنا رغم القواسم التي تجمعنا، نكره بعضنا ونتآمر على مصالحنا، فقد تفردت بنا القوى الامبريالية بعد أن جعلتنا بتقسيماتها كالأيتام على موائد اللئام، تنهشنا الكلاب الاستعمارية، وتستفرد بنا دول الاستكبار الظالمة، وتتآمر علينا قوى الظلام والحركة الصهيونية العالمية، فأخذت منا بالقوة ونحن فرادى ما عجزت عن الحصول عليه عندما كنا بلاداً واحدةً.


بيروت في 28/4/2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.