قرارات عبدربه الأخيرة دروس وعبر فما من موقف أو سلوك أو قرار إلاّ ونجد فيه دروس وعبر, وهذه قرارات شجاعة وجريئة لم يكن بالإمكان أن تصدر لولا الحاجة إليها, وتبدأ هذه الحاجة من ضرورة تعزيز ثقة الناس بالعملية السياسية, ولولا اتساع رقعة المعارضين وعدم الثقة بالعملية السياسية الذي تعاظم كثيراً بسبب استهتار نظام افرغها من محتواها لما كانت هذه القرارات, ومن هنا أقول لكل الذين يشككون بالمعارضة ويخونوا المعارضين الحياة لا تستقيم إلاّ بوجود موالاة ومعارضين. ولو كان الناس كلهم موالاة لانتفت الحاجة إلى السياسة ولما وضع الحاكم للناس حساب, ولما سارت السياسة في اتجاه احترام مصالح الناس, 33عاماً من انعدام الذمة الاخلاقية وهو عمر بالمقاييس الإنسانية كبير عمر النظام السابق أفرغ العملية السياسية من محتواها, حتى باتت في نهاية المطاف عملية سياسية مشوهة ليس لها مثيل إلاّ في نظم الاستبداد والطغيان.
وعليه نستخلص مما سبق أن المعارضة ضرورة حتى تندفع الحياة إلى الأمام, أما في ظل أنظمة اللون الواحد لا يمكن أن ترى وتجد إلاّ الاستبداد والطغيان. فلا ينبغي أن نستنكف من المعارضات ولا نخونها أو نكفرها, لأن لا التخوين ولا التكفير من أدوات السياسة ومفاهيمها, المعارضة معيار على سلامة الممارسة السياسية وتعافيها, لذا علينا أن نرعى بقاءها واستمرارها, إذ أنها مؤشر وترمومتر للحاكم وللناس أجمعين على سلامة حقل السياسة من أي تشوهات.
وكما قلت لولا شعور الرئيس عبدربه والفاعلين السياسيين خطورة الوضع وأتساع حجم المعارضة وعدم الثقة بالعملية السياسية, لما صدرت هذه القرارات وهذه القرارات يعود الفضل فيها للمعارضين, اتساع حجم المعارضة فرضت قرارات كهذه. وهي قرارات شجاعة وجريئة تحتاج إلى تعزيز بقرارات أخرى تعضدها, ونحن ننتظر قرارات كهذه, إعادة كل ما تم نهبه من الحق العام والخاص, وتعويض الجنوب وأبناءه عن سنين الضياع وفق خطة اقتصادية وسياسية محكمة تضمن أن لا يتكرر مثل هذا الأمر مستقبلاً.