المواجهة القارية التي خاضها برشلونة الإسباني الأربعاء المنصرم أمام باريس سان جيرمان في إياب ربع نهائي دوري الأبطال كشفت الحقيقة المرة للنادي الكاتالوني و التي مفادها أن غياب نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي عن صفوفه يجعله فريق عادي و قابل للانكسار عندما يلاقي منافسين من العيار الثقيل في الأدوار المتقدمة في البطولات التي سيشارك فيها حيث المنافسة تشتد حتى لو لعب على أرضه و أمام عشاقه . فمباراة برشلونة ضد باريس سان جرمان أكدت عدم صحة القاعدة التي روج لها الإعلام الكتالوني و الأوروبي بأن برشلونة بدون ميسي لا يخسر ، و هذا صحيح غير انه ينطبق على عدد محدود من المباريات و ضد منافسين أقل قوة.
فساعة من الزمن و هي المدة التي غاب فيها البرغوث الأرجنتيني عن زملائه منذ مدة طويلة كانت كافية لتبرز وزنه في الفريق ليس في تشكيلة المدرب تيتو فيلانوفا فقط بل بالنسبة للمنافس أيضا ولا يقتصر وزنه على الجانب الفني فحسب بل يتعداه لبقية الجوانب و خاصة النفسية و المعنوية و الحضور الذهني للاعبين داخل أرضية الملعب .
وسبب غياب ميسي بجعل المنافس الفرنسي يلعب براحة أكبر و كأنه الطرف الأقوى في المباراة و كان غياب ميسي عن البارسا جعل لاعبي النادي الفرنسي و خصوصا المدافعين يشعرون بثقة تعززت مع تسجيلهم هدف السبق ، و على العكس من ذلك فأن جلوس ميسي على مقاعد البدلاء في فريقه جعل زملائه يفقدون تركيزهم الذهني على المباراة و أصبحوا مركزين أكثر على الدكة و على التوقيت الذي يرون فيه ميسي يقوم بعملية الإحماء تمهيدا لدخوله و أهدروا الكثير من الكرات السهلة و هو ما جعلهم يشعرون المنافس بعدم قدرتهم على التسجيل و نقل الخطر إلى عرين الحارس الإيطالي سيريغو ما دام ميسي غير موجود .
و اقر المدافع جيرارد بيكي بفضل ميسي على زملائه من الناحية المعنوية عندما قال بعد المباراة بأن مجرد رؤيتنا ميسي على خط التماس يستعد لدخول أرضية الكامب نيو كان كافياً ليغير من روحنا القتالية لإستعادة زمام المبادرة .
أما المهاجم بيدرو مسجل هدف التعادل و التأهل فقال بصريح العبارة أن مجرد حضوره في الملعب كان كافياً لقب ميزان المباراة ، أي أن زملائه أنفسهم يعترفون بأن ميسي بأسمه لوحده يؤثر في الأداء الذي يقدمونه بشكل فردي أو جماعي.
وعلى الصعيد الفني فأن وجود ترسانة من النجوم في تعداد البلوغرانا ممن قادوا المنتخب الإسباني إلى اعتلاء عرش أوروبا و العالم على غرار سيسك فابريغاس و اندريس انييستا ودافيد فيا و آخرون من الأجانب أمثال الكيس سانشيز إلا أن ذلك لم يشفع لهم لتعبئة الفراغ الذي تركه الفتي الأرجنتيني في استحقاق هام لم يكن مسموحاً للفريق أن يخسره خاصة بعدما تأهل غريمه ريال مدريد لنفس الدور ،.
و بدا واضحا أن فيلانوفا و بالتأكيد سلفه بيب غوارديولا قد بنى فريقا مفتاح تحركه هو ميسي دون غيره من بقية العناصر خاصة البناء الهجومي لدرجة جعلت ميسي و كأنه عملاق وسط كوكبة من الأقزام ، فبدونه الفريق يبقى بعيداً عن منطقة عمليات المنافس و كأنها منطقة مكهربة و ميسي وحده من يستطيع ولوجها و رغم أن ميسي يلعب مهاجماً إلا أن عدوى تأثيره تمس حتى المدافعين خاصة الظهيرين اللذان يتعاملان معه كثيراً عند صعودهما لدعم الخط الأمامي.
و يمكن اعتبار ذلك خطأ استراتيجي وقع فيه الجهاز الفني لبرشلونة بالمراهنة على لاعب واحد فقط معرض للغياب للإصابة أو الإيقاف خاصة أن ذلك قد يكون على حساب بقية اللاعبين المميزين بتهميشهم و جعلهم تحت إشارة تصرف ميسي لتسجيل الأهداف ، و أن كان حضوره شبه الدائم حتى الآن لقلة تعرضه للإصابات و الإنذارات قد خدم الفريق كثيراً فأنه ليس في كل مرة تمر الأمور على أفضل مايرام .
ويجب على فيلانوفا ورورا إعادة النظر في سياستهم التكتيكية و العمل على تقليص نفوذ ميسي داخل الفريق ليس لمصلحة بقية اللاعبين و لكن لمصلحة الفريق ككل حتى لا يسقط في فخ النجم الأوحد رغم تخمة النجوم الذين يضمهم الفريق في تركيبته البشرية ، و يحدث له ما حدث للمنتخب الأرجنتيني في مونديال جنوب إفريقيا الأخير ضد ألمانيا.