الأمر ليس أني أدمنت الألم ، بالعكس أنا سعيدة جداً هذا العام وأعتبر نفسي من المحظوظين القلة في 2020 والذين عاد لهم والدهم وعاد عليهم العيد لا ذوي مفقودين ولا ذوي مسجونين .. لكن الذي يؤلمني حقاً الليلة هو تخيلي لعمق الألم الذي تعيشه أسر أخرى ، كم أم وكم زوجة يبكين الليلة ؟ كم أطفال لن يوقظهم ابائهم مع الفجر ليستعدوا لصلاة العيد؟ كم طفلة لن تذهب اليوم إلى "المنقشه" لأن والدها لن يأخذها ويعيدها من وإلى المنزل؟ كم عدد الأسر التي لازالت تأمل أن يطرق ابنها أو ابوها أو زوجها المعتقل ؟ كم عدد الأسر التي تبكي الآن ؟؟ قد يفوق عدد الأسر الباكية اليوم عدد الأسر السعيدة ، قد يتجاوز عدد الأطفال الباكين الليلة والمشتاقين لغائبيهم عدد الأطفال السعداء بالعيد ! إنني أشارك الجميع ألمهم الليلة ، لقد كنت في الموقف ذاته العام السابق لقد انتظرنا والدي حتى الواحدة بعد الفجر كنا آملين أنه سيعود لكنه لم يعد ولم نبقى نحن في المنزل المليء بغياب والدي ، تركنا كل شيء وذهبنا إلى أبعد نقطة عن المنزل إلى حزيز ، فراراً من كل ما ومن قد يؤلمنا ، أشارك الجميع ألمهم الليلة وأتمنى لو أني كنت صاحبة القرار لأعدت الجميع لذويهم ، لجعلت عنابر السجن فارغة اليوم ، لتركت السجناء ينعمون بلحظات الفرح بجوار ابنائهم وزوجاتهم وأمهاتهم وابائهم .. لنقف جميعاً هنا ، لنوصل أصوات اولئك الأطفال المحرومين من فرحة الغد ، لنتجاوز مع زوجات السجناء شعورهن بالعجز وقيلة الحيلة ، لنقف هنا مع السجناء الذين يبكون الليلة لعدم وجودهم بجوار أسرهم ، لنقف هنا وليكن الله مع الجميع وليطمئن قلوبكم بعودة المعتقلين والغائبين جميعاً