تعج صفحات التواصل الاجتماعي للجنوبيين بما فيهم إعلاميون بارزون ، وحتى المواقع الإخبارية ووسائل الإعلام الجنوبية المختلفة تؤكد بمناسبة أو بدون مناسبة أن الإمارات تقدم دعماً سخياً للجنوب وتؤازره وتقف إلى جانبه ، وهذا لا يخفى على المتابع الحصيف لذلك الإعلام ..!!. ولكن بالنظر إلى الواقع نجد خلاف ذلك ، فالمواطن العادي لم يلمس أي دعم أو يتلقى مساعدات تذكر البتة ، وإن قامت بمبادرات وخاصة في المنح العلاجية ، فهي قليلة ولا تستهدف عامة الشعب والبسطاء ، وإنما الإعلاميين والشعراء والمشاهير والمؤثرين ، وحقيقة كل تركيزها ودعمها ربما يصب في محافظة سقطرى ، وأما فيما يخص محافظتنا الضالع فلم تقدم شيئاً سوى ترميمات بسيطة لعدد محدود من المدارس لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ، وأتذكر جيداً - كما يتذكر الأهالي - أن أول زيارة لوفد الهلال الأحمر الإماراتي للضالع في مطلع العام 2017م ، حظي باستقبال رسمي وشعبي واسع وبحفاوة وترحيب كبيرين ، حيث ارتص جمع غفير من المواطنين على جانبي الطريق مرحبين بالوفد الزائر ، طمعاً بالحصول على الدعم وانتشال الضالع من وضعها المزري والمتردي ، واعتقاداً منهم بأن الإماراتيين لن يبخلوا على الضالع ، وبالأخير لم تقدم شيئاً حتى اليوم ويا خسارة ذلك الاستقبال الحاشد الذي لم تشهد له الضالع مثيل من قبل ، وقد يقول قائل أنه حتى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية هو الآخر لم يقدم شيئاً سوى التمور والسلال الغذائية الحقيرة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، فأقول هذا ليس موضوعنا وسنتطرق قريباً عن هذا الجانب ، لكن لابد أن أشير أن مركز الملك سلمان وإن لم يقدم سوى ذلك فلا يلام أو يعاب ، فله بصمات واضحة للعيان ، فيكفيه شرفاً إنه قام بافتتاح وتشغيل مركز الغسيل الكلوي الذي تعثر وطال تدشين العمل به وتأجّل افتتاحه أكثر من مرة نظراً لعدم وجود الدعم الكافي ، فقد تكفّل مركز الملك سلمان بالنفقات التشغيلية والمرتبات ووفر المحاليل وبعض الأجهزة وكل ما يلزم لتشغيله منذ افتتاحه رسمياً في يناير 2019م . وحتى في الجانب العسكري ، فليس هناك سوى دعم يسير ، وبسلاح " سفري " يستخدم لمرات محدودة ثم يصبح عديم الجدوى والمنفعة ، فلا يستحق هذا الدعم كل ذلك التهويل والمفاخرة ، ومعظم السلاح الثقيل والضارب الذي بحوزة القوات المسلحة الجنوبية هي غنائم حرب ، وسر انتصارات الجنوبيين ليس لأنهم مدعومون من الإمارات كما يروّج البعض ، بل لأن الجنوب يملك مقاتلين شجعان لا يهابون الموت في سبيل الدفاع عن الدين والعرض والأرض ، وقد ضربت المقاومة الجنوبية أروع الأمثلة في الإقدام والشجاعة والتضحية وبطولاتها معروفة من قبل أن نعرف الاماراتيين ... لكن إذا دعمتنا الإمارات بالصواريخ الباليستية والمسيرات ووسائل الاتصالات العسكرية الحديثة وبمختلف أسلحة الردع الاستراتيجية على غرار ما تقدمه إيران لمليشيات الحوثي الموالية لها فحينها يحق لكم ولنا أيضاً أن نفاخر بذلك وما دون ذلك لا يستحق الذكر والإشادة ..!!. ولا ينبغي أن نغفل عن الإشارة إلى أن الإمارات بمختلف مؤسساتها السياسية ودوائرها الدبلوماسية لا تعترف حتى اللحظة سوى بالحكومة الشرعية ومؤسساتها ولم تعترف بالإدارة الذاتية ولو ضمنياً .. إذن عن أي دعم تتحدثون ؟!!!. والإمارات بالطبع قد دعمت حتى الشرعية في بادئ الأمر وكذلك دعمت قوات طارق صالح ولا زالت بأضعاف أضعاف ما تقدمه للجنوبيين ..!!.
أخيراً يجدر بنا أن نعرف أنه حتى اللحظة لا يوجد للجنوب الحليف الاستراتيجي الذي قد يساعد الجنوبيين بالفعل في استعادة دولتهم بدون إملاءات واشتراطات ، فالسعودية لا تدعم الجنوب إلا وتشترط أن يتحالف الجنوبيون مع الشرعية وحزب الإصلاح الموالي لها ، وإيران كانت تشترط إقامة علاقات مع الحوثيين ، والإمارات اجبرت الجنوبيين على التصالح مع المؤتمريين والتحالف معهم وبالذات قوات طارق التي تعرف باسم حراس الجمهورية اي النظام الجمهوري للجمهورية اليمنية ..!!. زكريا محمد محسن