الشيخ حميد الأحمر: الإصلاح مسيرة حياة وساحة جهاد في خدمة الدين والوطن    اطلاق اسم الشهيد وزير العدل على صرح قضائي هام    فريق التوجيه الرئاسي يطلع على خطط وأنشطة الإدارة السياسية بانتقالي الضالع    السامعي: استهداف العدو الإسرائيلي للصحفيين "جريمة حرب"    اليمن يدعو إلى تدابير عربية واسلامية لكبح السياسات الصهيونية التوسعية في المنطقة    وسائل إعلام: 17 شهيدا منذ فجر اليوم بغارات إسرائيلية على قطاع غزة    محافظ شبوة يستقبل فريق مبادرة دليل شبوة الطبي الإلكتروني    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة عبدالله يحيى الآنسي    افتتاح مدرسة الطارفة في أبين بعد توسعتها بتمويل إماراتي    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    شراكة غير متكافئة: قرارات تنتقص من هيبة الجنوب وتُضخّم وهم الشرعية    خبير روسي: الوحدة اليمنية "وهم خطير" والحل في اعتراف دولي بدولتين منفصلتين    صحيفة أمريكية: رغم العقوبات الأمريكية صنعاء تواصل أطلاق الصواريخ والمسيرات    برشلونة يكتسح فالنسيا بسداسية    ميان والعنود تدعمان دفاع سيدات القادسية    المرة الأولى منذ 2019.. النصر يبدأ الدوري بفوزين    20 ألف جندي صهيوني مصاب    إصابة جنديين واعطاب قاطرة وقود في هجوم مسلح من عصابات بن حبريش    لن تنالوا رضا الجنوب حتى تتبعون دربه    ضروري من قنبلة دين وضمير    الدكتور عبدالله العليمي يؤكد دعم مجلس القيادة الرئاسي للبنك المركزي اليمني    وزارة الداخلية تدعو المواطنين إلى عدم تصوير أماكن القصف    منظمة صحفيات بلاقيود : مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    النائب العام ورئيس التفتيش القضائي يدشّنان نزول اللجنة المشتركة لمتابعة قضايا السجناء    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    في وداع زملاء "المهنة".. كلمات وفاء    المقالح: سلطة صنعاء تمارس الانفصال كما يمارسه الانتقالي    مانشستر سيتي يكتسح اليونايتد بثلاثية في قمة الدوري الإنجليزي    شبوة.. تدشين مخيم لجراحة العيون يجري أكثر من 400 عملية مجانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    اجتماع يناقش سير تنفيذ قرار توطين الصناعات ومشاريع التمكين الاقتصادي    لنعش قليلا مع قصص الحيوانات بعيدا عن السياسة    محافظ صعدة يتفقد مشروع سد اللجم في مديرية سحار    محافظ حضرموت يرعى توقيع عقود مشاريع تحسين لشوارع مدينة المكلا    انتقالي الضالع ينظم محاضرة توعوية بعنوان بالعلم وحب الوطن نبني الجنوب    قرارات تعسفية لمليشيا الحوثي تدفع الغرفة التجارية للإضراب في صنعاء    محافظ حضرموت يلتقي بخبير الطاقة والنفط والغاز المهندس عمر الحيقي    توقف تطبيق إلكتروني لبنك تجاري واسع الانتشار يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي    الخطوط الجوية تعلن استئناف الرحلات بمطار عتق    أحلام تُطرب جدة    يوفنتوس يقتل إنتر في ديربي إيطاليا    شباب المعافر يصعق شعب إب ويتأهل إلى نصف نهائي بطولة بيسان    الدوري الايطالي ... يوفنتوس يحسم لقاء القمة أمام إنتر ميلان برباعية    ما أجمل روحك وإنسانيتك، قاضي حاشد    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    في محراب النفس المترعة..    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عيد العلم.. معلمنا الأول الذي أحببناه ولن ننساه!
نشر في عدن الغد يوم 11 - 09 - 2020

[قم للمعلم وفِّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا].
بكل تقدير واحترام نتذكر باستمرار معلمينا الاوائل الذين أناروا لنا الطريق في رحلة العلم التي لا نهاية لها. فهم رُسُل نقل العلم، وتعليمه، وعلى يديهم تتخرج الأجيال المؤهلة لقيادة المجتمع بمختلف التخصصات. وهكذا، فكلما مرت ذكرى يوم العلم، 10 سبتمبر، كل عام ، أتذكر باعتزاز وفخر معلمي الأول الذي تتلمذت على يديه ونهلت من ينبوع عطائه الزاخر، الشخصية التربوية والأكاديمية الدكتور محمد علي محسن الجوملي الأحمدي. وكم يتردد اسمه في أحاديث الذكريات ليس فقط من قبلنا نحن ممن تتلمذنا على يده، بل ومن قبل الأهالي في مسقط رأسي بلدة "خُلاقة" في منطقة يافع الجبلية، الذين عرفوه حق المعرفة موجهاً سياسياً وناشطاً اجتماعيا في الفترة التي أعقبت مرحلة الاستقلال الوطني.
يعرف جيلنا وجيل الآباء أن قدوم المعلم الأول الأستاذ محمد علي محسن الجوملي الأحمدي مطلع عام 1969م كان حدثاً غير عادياً، وضع بلدتنا على أعتاب مرحلة جديدة، وكان له شرف وضع اللبنات الأولى للتعليم الابتدائي في المدرسة التي بدأت في خيمة متواضعة نُصبت في أطراف البلدة، وأتذكر أن والدي الحاج صالح عبدالرب ومعه صديقه أحمد علي بن علي رحمهما الله، هما من جاء بالخيمة بعد متابعة مع إدارة التربية في جعار، عاصمة المديرية الغربية (يافع) حينها، وبتعاون من الأستاذ صالح عمر بن غالب في هذا الشأن بحكم عمله حينها في إدارة التربية في جعار. كما سكن الأستاذ محمد علي محسن فور وصوله في بيتنا قرابة شهر كامل، حتى أُعطي له سكناً مستقلاً في منزل آل الشيبة الكرام، بما يعرف ب(التطليعة) الملاصقة لبيتهم القديم في حبيل الطلح.
وهكذا كان قدوم المعلم الأول بشير خير وعلى يديه عرفت بلدتنا لأول مرة التعليم الحديث وفتح أمامنا نافذة مشرعة للتعليم والتنوير، وتم حينها الدفع بنا نحن التلاميذ للالتحاق بالمدرسة، ومعه كانت بداياتنا الأولى في التعليم، حيث بدأ معنا من الصفر، دون جدران نستظل بها أو كراسي وطاولات مدرسية، بل كنا نفترش أرضية الخيمة الكبيرة التي قُسِّمت من الداخل إلى ثلاثة فصول، فكان حظنا نحن الذين نجيد القراءة والكتابة، ممن التحقنا من قبل بالمعلامة، على يد المرحوم محمد علي القاضي وأولاده، الانتقال مباشرة إلى الصف الثالث ابتدائي، وذوي المستوى المتوسط صف ثاني، والمبتدئين صف أول.
كما كان له دوره التنويري الملحوظ في صفوف الأهالي، الذين بادروا في تشييد مبنى المدرسة بتعاونهم الجماعي وحماسهم المنقطع النظير، سواء من خلال التبرعات أو العمل اليدوي وبإشراف من أول مجلس للآباء برئاسة طيب الذكر الشخصية الاجتماعية المحبوبة، المرحوم علي حسين القاضي، وخلال وقت قياسي انتصب مبنى المدرسة خلال أقل من عام ليستوعب الطلاب في صفوف حديثة، وما زال مبناها القديم شاهداً على مبادرات الأهالي وتعاونهم المثمر، وقد الحقت به الآن التوسعة الجديدة.
وكان معلمنا الأول محمد علي محسن في تلك البدايات مدرساً وتربوياً ومديراً ومشرفاً رياضياً وفنياً ومشعل تنوير وشخصية اجتماعية، وواصل عمله بدأب وإخلاص ونكران ذات بعيداً عن أسرته وأهله، وكنا ننبهر نحن الطلاب لسعة معارفه الموسوعية وطريقة تدرسيه المحببة لمعظم المواد وقدرته على العطاء بحماسة كبيرة، حيث كان يقوم مقام عدد من المدرسين حتى التحق به فيما بعد عدد من المدرسين..علمنا القراءة والحساب والدين والرسم والخط والأملاء، وحبب إلينا الأدب وكتابة المقالات للمجلات الحائطية وهي البدايات التي شجعتني على الارتباط بمهنة الصحافة والإعلام حتى اليوم.
كان كوكبا منيرا ومربيا فاضلا وشعلة من عطاء ، ليس فقط في مجال التعليم بل وفي المشاركة في الجوانب الاجتماعية والثقافية..الرياضية..الإدارية، ولا أستطيع تعداد فضائله ومناقبه كمعلم نموذجي وهب حياته في سبيل الوطن والعلم في أصعب الظروف. وأتذكر ويتذكر كثيرون أنه كان ضمن نشاطنا ايضاً تقديم العروض الرياضية والفنية التي كان بالاشراف عليها، بما في ذلك رحلتنا التي لا تُنسى إلى ريو مشيا على الأقدام لتقديم عروض رياضية وفنية لقيت اعجاباً كبيراً من قبل الأهالي هناك وأثارت دهشتهم ودفعتهم للإسراع ببناء مدرسة ريو الابتدائية.
وحتى بعد انتقاله من مدرستنا عام 1972م إلى بني بكر عاصمة مركز الحد حينها (مديرية الحد الآن)كأول مشرف تعليم على مستوى المركز فقد ظل سكنه في خلاقة وبقيت علاقته وطيدة بمدرستنا، ومن حب الناس له اعترضوا على نقله من المدرسة رغم تبوأه منصباً أكبر أفاد من خلاله مدارس الحد جميعها خلال تحمله مسئولية مشرف التعليم.
ويظل معلمنا الأول، الذي تدرج في سلم التعليم، حتى أصبح أحد الاساتذة المقتدرين في جامعة عدن ، يظل في ذاكرة جيلنا وجيل الآباء أفضل وأخلص معلم عرفناه في حياتنا، ويشاطرني هذا الرأي كل زملاء الدراسة في المرحلة الابتدائية الذين يكنون لهذا المعلم كل الاحترام والتقدير والعرفان بالجميل، ولذلك قلت (أحببناه ولن ننساه)..
شخصياً .. لن انسى ما حييت معلمي الاول الذي حفر له مكانة خاصة في قلوبنا منذ بدأنا الابحار في بحر المعرفة الواسع، وزودنا بزاد الرحلة وكان عوناً لنا في تعليمنا وفي تنويرنا وفي توجيهنا .. أعطانا كل معارفة وخبراته التي لم يدخر منها جهدا .. وكان يمتلك معارف سياسية وثقافية وتاريخية واسعة.
ورغم انقضاء قرابة خمسة عقود على تلك البدايات، لم ولن أنساه، وكلما التقيه أشعر أنني ما زلت ذلك التلميذ الصغير الذي يقف إجلالاً وتقديراً أمام معلمه، رغم المكانة الأكاديمية التي بلغتها واللقب العلمي الرفيع، ورغم أن الصلعة قد أتت على معظم شعر رأسي وغزا الشيب ما بقي منه.. حتى يظن من يرانا أننا زملاء.. وكم أرتاح حين أراه بكامل صحته ومعنوياته العالية في مواجهة صروف الدهر وتقلباته ومن ذلك إحالته للتقاعد القسري من عمله كأستاذ في جامعة عدن، كلية التربية - صبر وهو في قمة العطاء مع غيره من الأساتذة الأجلاء من مختلف الكليات عام 2007م من قبل نظام الاحتلال.
ختاماً .. أعترف أنني عاجز عن إيجاد كلمات وعبارات الثناء في حق معلمي الأول ، ولن أوفيه حقه الكبير علينا. ويكفي القول أنه مهما باعدت بيننا الظروف فسيظل حبه ساكناً في قلوبنا منذ أن حجز له مكانة فيها قبل خمسين عاماً.. ونفرح ونُسر حينما نراه في خير وصحة وسعادة..ويظل في ذاكرتنا قنديلا وضاءا لن يبارح ذاكرتنا ما حيينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.