أن تستيقظ صباحا والصداع يملأ رأسك المحشو بأسراب من الأفكار الذابلة والمهترئة ، أفكار أولها الموت وآخرها أن تذهب للمستشفى الذي صار معظم اليمنيين يخافونه لكثرة مايشاع عن إبرة الرحمة ، يختلف الأمر وتظل تفكر أيضا بما تذهب فالسيارة التي سوف تقلك إلى هناك أيضا تحتاج البنزين وهو غير متوفر أيضا ، وإن فكرت أن تأخذ العسل والفيتامينات الموجودة قد تكلفك نقودك التي خبأتها لتطعمك أنت وعائلتك لمدة شهر أو شهرين في ظل وضع فقدت السيطرة عليه ، حتى وإن طاردتك فكرة الموت فإنك لن تجد قبرا يحويك لأنه لم يعد حتى للأرض سلطتها لتحتفظ بجثتك حينها ، ماعليك إلا أن تعاني مما أنت فيه فالإنسانية قد ماتت حين تذهب لجميع المستشفيات وهي تؤصد أبوابها في وجهك وتطلب منك ملايين الريالات تحت الحساب ولأنك مريض بالكورونا فأنت قد اقترفت ذنبها ، وذنب الحرب ، وذنب الجوع ، وأبوك ليس إلا مجرد موظف حكومي صُدر راتبه ، وبيعت كرامتك وكرامة وطن ، أنت منبوذ لأنك عشت في زمن الحرب وفي زمن الكورونا .. نحن لم يتبق لنا وطن ..