في زمن كانت الصحافة تبحث عن من يكسر جدار الصمت مع إعلان مبادرة الإصلاح الاقتصادي ماليا وإداريا في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين المنصرم, تقدم الشاب الجسور آنذاك والكاتب الصحفي زميلي علي ثابت عبيد القضيبي بكل جرأة وشجاعة وصراحة وفصاحة ليكسر خرسانة جدار الصمت من قعره فينطلق بالرأي العام من دائرته المغلقة في التمجيد لحزب والتسبيح لجهة معينة إلى آفاق أوسع وأرحب بقلمه الذهبي ومقالاته القوية في النقد والطرح والرائعة في البناء. فمثل ما كان بقي وسيظل كاتبا صحفيا مخضرما بنفس الأسلوب شكلا ومضمونا من أجل وطن حديث غير طارد لأبنائه. ولا يضيق الحال إلا بالفاشلين والغاطسين في أوهام العظمة والغطرسة حتى من قبل أن تظهر ملامح نظام هنا أو هناك ومن قبل ما نشوف خيرات دولة أو حكومة هنا أو هناك. بلى, والذين لا يؤمنون بالحقوق والحريات في مواجهة دائمة ضد حرية الإعلام وحرية الصحافة وحرية التعبير. فكيف الحال بالنسبة للرأي والرأي الآخر إذا ما تعرض صاحبنا صاحب الكلمة الحرة للتهديد بالتصفية الجسدية؟! هل تجف الأقلام وتسكت الألسن عن الكلام في القرن الواحد والعشرين؟! عصر الثورة المعلوماتية والفضائيات والإنترنت! إن تكتيم الأفواه شكل من أشكال القمع الذي تمارسه الأنظمة الشمولية والدكتاتورية, ينبغي عدم السكوت عنه كونه تراجع عن أهداف الثورة الجنوبية في إقامة دولة فيدرالية منفتحة على الجميع تكفل الحقوق والحريات. وفظيع هو إن كان ممن هم في الصف الأول في المسئولية الوطنية والسياسية والإعلامية يليهم الكتاب والصحفيون. فهل نبدأ بالتمجيد لمكون والتهليل لجهة معينة أم نصمت الآن وننتظر دهرا تستيقظ فيه الصحافة لتبحث عمن يكسر جدار الصمت؟! وفي كلا الحالتين سقوط وانهيار للوطن كما سقط وانهار مرتين من قبل لهذين السببين, بينما الكاتب أعتبر الوطن طارد وقد حدد وجهته التي سيلجأ إليها في مقاله بعنوان الوطن الطارد, لكنه مصير يلاحق العديد من أمثاله.
الصومال وما أدراك ما الصومال, جمهورية فيدرالية لجأ إليها أجدادنا من نير الاستعمار ومن أوجه الظلم فرحبت بهم كأبنائها منهم من فتح عليهم رب العالمين وأغناهم وأصبحوا مليونيرات, ومنهم من حمل الشهادات العلمية واكتسب الخبرات واللغات ثم عادوا ليخدموا وطنهم الطارد كما هو, وظلت الصومال كما هي رغم موقف نظام الجنوب السابق الغير محايد حيال الخلافات الإثيوبية الصومالية والتي قد حلت بعون الله, أرض خصبة وشعب كريم يرحب بالمطرودين من أوطانهم.
وفي هذا العجالة انتهزها فرصة لأسجل تأييدي للكاتب الصحفي الكبير علي ثابت وأعلن تضامني معه. وفي نفس الوقت أعبر عن استنكاري لإهمال جهات الاختصاص معالجة كل ما تناولها من قضايا في مقالاته, وأعبر عن شجبي لما يجري من تضييق على الحريات وتنديدي للتهديد الذي يتعرض له,