صاحبي القاضي احيل للتقاعد وكان يتمتع بسمعة طيبة بين زملائه القضاة ورؤوسائه ومرؤوسيه ومازال قادرٌ على العطاء . تحصل على وظيفة في احدى الشركات مستشارا قانونيا لها . وبعد فترة اكتشف القاضي النزيه والمحترم ان شركته هذه تعمل في مجال غسيل الاموال وتجارة المخدرات وعلم ان رواتبه وامتيازاته ومستحقاته المالية التي تصرف له تأتي من اموال المخدرات وتجارتها التي تخصصت الشركة في الاتجار بها تحت عدة اغطية ومشاريع خيرية ومساعدات للفقراء والمحتاجين وبناء المساجد والمدارس وإزالة مخلفات القمامة من الشوارع وشراء المصاحف والحقائب الدراسية وغيرها من المشاريع الخيرية . وقف صاحبنا القاضي في موقف المحتار بعد ان تمت ادانة احد فروع الشركة بتهمة الحيازة والاتجار بالمخدرات. عندما تم تكليفه من قبل رئيس مجلس الادارة شخصيا بتولي مهمة الدفاع عن فرع الشركة . خصوصا ان القاضي الذي احيلت اليه القضية للنظر فيها من اكثر القضاة حبا للقاضي ( المحامي والمستشار القانوني للشركة ) ومعجب به شديد الاعجاب لانه مثالا للنزاهة والشرف والامانة والوقوف ضد الظالم ومساعدة المظلوم وصرامته في اداء مهامة القضائية عندما كان قاضيا . وكان رئيس مجلس ادارة الشركة قد توصل الى تلك المعلومة من مصادره .لهذا تم اختياره للقاضي صاحبنا للترافع والدفاع عن الفرع . حيرة القاضي صاحبنا جعلته ياخذ وقتا للتفكير في وضعه وسمعته والمستوى المعيشي الذي وصل اليه هو وابنائه بسبب راتبه الكبير وامتيازاته وحوافزه واكرامياته التي يستلمها من الشركة سيئة السمعة . !! هل ارمي بكل ذلك عرض الحائط وارفض الدفاع عن الفرع الذي ثبتت التهمة عليه وتكشفت الحقائق امامي بان الفرع ليس وحده المدان بل الشركة كلها وانا احد المرتكزات الاساسية للشركة . وبالتالي سيتولد عن رفضي ذلك فصلي من الشركة وعودة وضعي المادي الى المستوى الادنى واُحرم من كل ماكنت اتحصل عليه وكذلك اولادي الذين بدأوا يعيشون حياة العوائل الهاي كلاس . هل سيتحملون عيشة الفقر وراتبي التقاعدي الذي بالكاد اوفر به المتطلبات الضرورية للعيش بالحد الادنى كاعلى مستوى يمكنني توفيره بهذا المعاش الحكومي التقاعدي . ام اذهب صباحا الى المحكمة واستخدم كل ما ادخرته من معارف علمية ومهنية وعلاقات شخصية للدفاع عن الباطل ( فرع الشركة ) المدان بالتهمة المنسوبة اليه .وتبرأته وبالتالي استمرار الفرع والشركة بالعمل في مجال غسيل الاموال والمخدرات والقضاء على ماتبقى من وطن ومواطن .واقبل ان يكون راتبي وكل ما اناله من امتيازات من هذا المجال المحرم شرعا واخلاقا . وقتل وطني وابناء وطني واعدام القيم والاخلاق والمبادئ والعيش بعقلية التافة المنحط المجرد من كل ذلك . لتستمر حياة ابنائي واسرتي بالمستوى العالي .( الهاي كلاس ) . مازال قاضينا يفكر ..