أصبح الوضع مأساوي بانهيار الريال امام نظرائه ، ولم يعد له أدنى قيمة مقابل العملات المقابلة وهذا امر ليس بجديد فالجميع على علم بهذا الانهيار المتلاحق ، لكن العجيب في الامر أنَّ القيادة السياسية تنظر لهذا السقوط بعين المتفرج دون أن تقدم الحلول الناجحة لإخراج البلاد من ذلك المنحدر نحو هاوية الصوملة ولم تستفد من تجارب تلك البلدان التي قادها الفساد الاقتصادي والتسلط السياسي والتقاسم الحزبي والمناطقي نحو سقوط الدولة وليس لبنان عنا ببعيد. تدني حياة المواطن المعيشية هو النتيجة المباشرة لذلك السقوط ويتبع ذلك السقوط تدني في أداء الوظيفة العامة كون الموظف لا يتحصل على الاجر المجزي الذي يمكنه من مجابهة تكاليف واعباء الحياة المادية ومن النتائج المرتبطة بسقوط العملة استشراء جشع التجار حيث تنعدم القيود ويضيع الوازع الوطني ويبقى هم التاجر والمستثمر الحفاظ على رأس ماله الذي يأخذ بالتلاشي والانكماش مع استمرار الانهيار الاقتصادي , ومن النتائج المترتبة على انهيار العملة خروج فئة كبيرة من المستوى المتوسط لتقف تحت طابور العوز والفاقة. كان المواطن ينتظر الكثير من قيادة التحالف ولم يكن هذا الانتظار ان يتحول المواطن إلى متلقي للمساعدات ويظل فاتح كلتا يديه للمساعدات وأن تتحول تلك القوى إلى خاتم سحري يقدم المنح والعطايا وإنما كان من المتوقع منها انعاش الحياة الاقتصادية بالمشاريع والأخذ بيد المستثمر المحلي والأجنبي وتوجيهما نحو المشاريع الحقيقية التي تخد الوطن والمواطن بفتح أبواب المصانع والمعامل والورش حتى ينخرط سيل البطالة في سياق العمل البنَّاء بدلاً من تحويل البلد إلى معسكر كبير وتقديم رواتب لمن يستحق ومن لا يستحق. لم تكن المساعدات لإخراج البلد من حافة السقوط موفقة حيث لم تحسن النوايا فكم سيل من النقد دخل خزينة الدولة ولم يقيد بضوابط فذهب هباء ولم يقدم الفائدة المرجوة من تذبذب البلاد بين السير نحو السقوط والوقوع في هاوية التدهور الكلي حيث كان من المفترض أن يكون رفد الخزانة لتمويلها وللرفع من حالة العملة التي باتت في حضيض سوق العملات. ما زال في الوقت متسع لا سعاف ما يمكن اسعافه بتقديم الدعم الحقيقي للبنك المركزي ومحاسبة وتقنين كل مكاتب ومراكز صرافة العملات والسعي في وضع ضوابط للعمل البنكي وتقنين صرف النثريات التي تصرف في غير مجالاتها والتي تعود بعائد مادي ملموس في سياق الحياة الاقتصادية. فالوضع جداً يبعث على القلق من استمرار التدهور والانجراف نحو السقوط القاتل لكل مجالات الحياة.