مثل الشهيد الدكتور عبده خالد الحميدي عميد كلية التربية بمحافظة الضالع نظاماً إدارياً، وعلماً أكاديمياً، وأباً رفيقاً لكل مرتادي الكلية من الطلاب بمختلف الأعوام الدراسية حتى استشهاده، تخرج تحت إدارته العديد من الجهابذة والدارسين من مختلف أقسام الكلية، استطاع الشهيد رحمه بأخلاقه، وحنكته الإدارية، وخبرته العلمية، من الاستمرارية في تخريج العديد من الدفع، والخريجين، برغم شحة الإمكانيات، وتدهور الجهاز التعليمي بشكل عام في البلاد، جراء الحرب العبثية التي نشبت فور انقلاب المليشيات الحوثية. إن ثبات وتماسك الصرح العلمي في محافظة الضالع وانتظام العملية التعليمية فيه، في الوقت الذي تفتقر في جامعة عدن إلى أبسط الإمكانيات التشغيلية، إضافة إلى خصخصة مرتبات المدرسين والأكاديميين، والذي كان خارج إرادة الجهات المعنية والمسؤولة، نظراً لما تمر به البلاد من تدني في مستوى الاقتصاد العام، وتدهور العملة المحلية، ترك في نفوس الطلاب انطباع يوحي بعظم الدور الذي كان يلعبه الشهيد الدكتور، حتى أن هذا الانطباع لم يقتصر على الطلاب أنفسهم بل امتد ليصل إلى عموم المحافظة وباقي المحافظات وكل من يعرفه رحمه الله..
هذا الانطباع الذي تركه الشهيد الدكتور عبده خالد الحميدي في قلوب الكثيرين كان له أثره البالغ فور السماع باستشهاده، الجميع دون استثناء أصيب بمقتل فور سماعهم خبر اغتياله، حتى أنه خبر اغتياله أحدث حراك أخلاقي وقيمي كان متغيب في اوساط المجتمع منذ عقود من الزمن، ليخرج الجميع منددين، هاتفين باسمه، داعين الجهات المعنية بتوحيد جهودها، ومتابعة من يقف وراء اغتياله، والانتصار لروحه الطاهرة ولمن سبقوه في حادثات اغتيال جبانة قيدت في مجهول..
ليس هذا وحسب؛ لقد أبا رحمه الله إلا أن يترك انطباعا كما عودنا، حتى في رحيله، ومغادرته هذه الحياة القاسية، فقد كان اغتياله سبباً لنفض غبار أعطب أسماع الكثيرين وأعمى عيونهم من زمن، وأخرس أفواههم، وألحفهم لباس الذل والهوان، خبر استشهاده كان صيحة تعافت على إثرها القلوب الخائفة الواجفة التي لم تستطع يوماً من مجابهة مجاميع من البلطجية والشللية والذين نصبوا من أنفسهم رجالا للأمن في المحافظة..
أن كل تلك الانطباعات التي تركها شهيدنا الدكتور كفيلة لأن توجه رسائل عديدة إلى من يخلفه من منتسبي الصرح الأكاديمي والعلمي في كلية التربية في أن يحذو حذوه، وأن يأخذوا بمناقبه، وأن يوجدوا في وسط صرح الشهيد العلمي ألف خالد وألف انطباع نبيل ونزيه، وأن يأخذوا من الشهيد صفة الانضباط والنزاهة والأمانة العلمية، فهم الأحرى والأولى بالاقتداء به، وهذا كل ما نرجوه فيهم..!!