يحاول إرضاء اسرته فيرتدي لهم وجه، ولديه وجه آخر يرتديه لإرضاء رب عمله، وآخر لإرضاء شيخه.. واقنعة عدة يتناوب بينها، حسب نوع السلطة المسيطرة، فيضيع وجهه الحقيقي ويكون مأزقه الوحيد في نظره، أن يرتدي الوجه الخطأ في الموقف الخطأ، لا أن يكون منافقاً.. يعتاد منذ صغره على حل مشاكله بنظام العصابات، ويكبر ويصبح مسؤولاً، ويدير مشاكل الدولة بعقلية العصابات، ولكن ليس بنفس الأدوات، مجرد عصي وجماعة من الأصدقاء ينصرونه ظالماً أو مظلوماً!. بل بقوة السلاح وقوة جبر السلطات المختلفة التي تشعره بسطوته وقدرته على الافتراء، بدون رقيب أو حسيب.. كان ذلك الطالب الذي يحاول ألّا يترك فراغاً في ورقة الإجابات حتى وإن كتب طلاسم وتعويذات، فيكبر ويصبح صحفياً أو ناشطاً، عنده القدرة على ملء صفحات الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواع التراهات والإشاعات، وهو واثق ألّا أحد من القراء يدقق إلا ما ندر. فلا غرابة أن يكون لدينا كل هؤلاء الفاسدين في السلطة ومن حولها، فالسلطة هي نتاج مجتمعي وليست بمعزل عنه؛ لذا مهما تغيرت الأسماء يظل الفساد هو سيد الموقف والقاسم المشترك بين كل الأطراف المسيطرة على الأرض. وطورت الحرب نوعاً آخر من الفاسدين، كل عملهم أن يعيشوا في فندق ويقبضوا الملايين مقابل عدم فعل أي شيء. وأكيد كانوا في الماضي هم “الكائنات الطفيلية”، التي كانت تعيش على حساب الآخرين، وأصبحوا مع الأيام “كائنات فندقية”، تعيش على حساب شعب ووطن مسلوب الإرادة