الشيخ صابر بن عبود اللحجي المكنى بأبي مالك داعية وحافظاً لكتاب الله ، محب للخير ، آمراً بالمعروف وناه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ، متواضع ، عاش فقيراً لايبحث عن حطام الدنيا الفانية... توفي رحمه الله في حادث سير مؤلم وهو في طريقه إلى إلقاء محاضرة في أحدى البلدات.. فحق للارض أن تتصدع ، وللسماء أن تحزن ، وللأمة ان تبكيك يا صابر اللحجي.. فأنت الذي حملت على عاتقك أمانة الدين ، وحملت رسالته ، حملت دعوته في قلبك وعقلك.. أفنيت عمرك ونذرت نفسك لله ولدينه..تجوب الأرض من مشارقها إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها لخدمة دين الله.. عشت أيها الشيخ الجليل وقد خلفت وراءك سنين مضنية وليالي وأيام مضيئة مشرقة خدمت بها دين الله. عشت أيها الشيخ الزاهد في هذه الدنيا - التي لاتساوي عند الله جناح بعوضة - لغيرك ولم تعش يوماً لنفسك ولأسرتك.. رحلت وكم نحن وهذه الأمة بحاجة لان ننهل من معين علمك ومواعظك ، لكنها إرادة الله. رحيلك أيها الصابر اللحجي خسارة لاتعوض .. قال الحسن البصري : (موت العالم ثلمة في الاسلام لايسدها شيء ما أختلف الليل والنهار) رحلت يا من تمد الناس بالخير والبركات من غزير علمك وتقواك..فكما قيل: (الدعاة هم بركات الأرض ورحمات السماء) موتك ياشيخنا ورحيلك عن هذه الأرض مصيبة لاتجبرها عطايا الأرض كلها.. لكنك قبل رحيلك قد تركت وحزت أنبل مرتبة بين خلق الله.. قال امير المؤمنين هارون الرشيد يوماً ليحيى بن أكثم : (ما أنبل المراتب ؟!) قال: ما أنت فيه يا امير المؤمنين ، فلا احد أجل منك. فقال هارون الرشيد الذي كان يحج عاماً ويغزو عاماً : (بل أجل مني رجل يعلم في حلقة ويقول: قال الله وقال رسول الله) فهنيئاً لك هذه المرتبة وهذه المنزلة أيها الصابر المحتسب.. ونم قرير العين أيها الشيخ الجليل فقد تركت من بعدك طلاب علم كثيرون وهم من تتلمذوا على يديك ، فثق بأنهم سيحملون مشاعل النور والهدى ، وسيسيرون على دربك الذي رسمته لهم ليكملون مشوارك. للتذكير: كان لي الشرف في سالف الايام أن زارني شيخنا الفاضل والمتواضع إلى منزلي بمودية لاكثر من مرة ، وكم كنت سعيداً بهذه الزيارات ، ولمست من خلالها بساطته وتواضعه ومحبته للناس ، وقبل هذا وذاك علمه الغزير .. وكم استمتعنا انا واولادي بجلساته وأحاديثه التي لا تمل.. رحم الله الشيخ صابر بن عبود اللحجي وأدخله فسيح جناته ، وأساله تعالى أن يجمعنا به في مستقر رحمته ورضوانه. إنا لله وإنا إليه راجعون.