لا اخفي إعجابي الشديد بالثنائي الساخر عبد الكريم الرازحي وفكري قاسم اللذين يزينان الصفحة الأخيرة في صحيفة اليمن اليوم بموضوعات تنتزع الابتسامة من جوف الم الواقع الذي يتناولونه في كتاباتهم. كنت ذات يوم، بعيد الوحدة مباشرة، أتجول في المحلات التجارية بوسط صنعاء، كنت اسأل الباعة بين حين وآخر عن أسعار بعض المعروضات فيعطوني أرقاما مبالغ فيها مقارنة بالأسعار التي اعرفها في المحلات التجارية بعدن، فاخجل من المساومة حتى أن احدهم حين غادرت محله دون مساومته قال لي (جبتوا لنا الجوع). في عدن، حين يعرض عليك البائع سعرا معينا لا تملك إلا مساومته في حدود (10%) من السعر المعروض فحين يعرض سعرا بألف، مثلا، تعرض سعرا في حدود (900) أو نحوها. في صنعاء الأمر مقلوبا تماما فحين يعرض سعرا معينا يمكنك أن تعرض اقل منه ب (90%) وقد حدث أن اشترى احد الأصدقاء قنينة عسل مغشوش بتسعين ريالا بعد أن كانت معروضة بألف ريال، عرفت هذه المعلومات من الجنوبيين المقيمين في صنعاء وكان ذلك أول درس وحدوي أتعلمه. تذكرت هذه الواقعة حين قرأت موضوعا للأستاذ عبد الكريم الرازحي بعنوان (الانبصال في مواجهة الحرب والانفصال) حين ذكر أن بائع بصل قال له (الوحدة ما فيها خير .. نعثت علينا البصل)، قال له ذلك بعد إعلان الوحدة مباشرة. كان ذلكم الموضوع قد ورد في عدد الصحيفة الصادر يوم السبت 25/5/2013م ولعله كان ردا كافيا على خطباء الجمعة في مساجد صنعاء حين انبروا من على تلك المنابر يلوكون مقولات مستهلكة من قبيل أن الوحدة خير وقوة وعزة ولم نسمع احدهم ينكر من على منبره قتل أبناء الجنوب منذ 2007م أو ينكر نهب وتدمير الجنوب منذ 1994م أو ينكر ظلما وقع على الناس في الجنوب قتلا وجرحا وسحلا وسجنا وتشريدا، أو ينكر فتاوي قتل الجنوبيين التي صاحبت غزو 1994م، أيريد هؤلاء أن يفتونا بأن الظلم قدرا وحدويا علينا التسليم به؟. ذلكم البائع الذي يرى في الوحدة كساد حل ببضاعته بسبب وجود منافسة من مسلك آخر، وذلكم البصال (بائع البصل) الذي يرفض الوحدة لأنها نعثت عليه البصل، فيما الوحدة (نعثت) علينا كل شيء في حياة الجنوب والجنوبيين من طريقة حياة إلى حقوق الملكية إلى الحق في العمل إلى الحق في الكرامة. أيحق لنا أن نرفض وحدة (نعثت علينا) كل شيء في حياتنا كما رفض البصال الوحدة لأنها نعثت عليه البصل؟.