لست مع الوحدة ولا مع الانفصال، لكني كنت ومازلت انبصالياً.. أرى أن الحل المناسب هو الانبصال. والانبصال عندي ليس موقفاً جديداً ولا هو وليد اليوم، وإنما هو موقف قديم وأقدم مما قد يتصور البعض. ومن منكم يعود إلى عمودي في "صحيفة المستقبل"- حنجرة الشعب – سيعرف أنني كنت انبصالياً من قبل الحرب ومن قبل إعلان الانفصال. ففي المقابلة التي أجريتها مع بائع بصل من منطقة ريمة قال الرجل بالحرف: "الوحدة ما شفنا منّها الخير.. نعثت لنا البصل". كان ذلك بعد إعلان الوحدة مباشرةً. لقد صُدِم الرجل بالوحدة وربط بينها وبين ارتفاع أسعار البصل فقال قولته تلك. ولكن إذا كانت الوحدة – من وجهة نظر المواطن اليمني العادي- قد نعثت البصل، ونعثت أسعار المواد الضرورية، وزادت من معاناته.. فإن الحرب قد نعثت البلاد، ونعثت الاقتصاد، ونعثت كل شيء بما في ذلك الوحدة نفسها. بل إن اليمنيين في الشمال وفي الجنوب لم يروا خيراً من بعد الوحدة ومن بعد حرب ،94 وإنما رأوا نعث النعث، وهبر الهبر، ونهب النهب. بالنسبة لي فقد كنت ضد إعلان الحرب وضد إعلان الانفصال، وفي مواجهة هذين الإعلانين- اللذين ألحقا باليمن وباليمنيين وبالاقتصاد اليمني هزيمة ساحقه – أعلنتُ الانبصال، وانشغلت طوال فترة الحرب بزراعة البصل في حديقة منزلي. ومن يومها غدوت انبصالياً اُبشِّر بالانبصال باعتباره أرقى أشكال المواجهة. ولأولائك الذين يطالبون اليوم بالانفصال أقول لهم: إن الانفصال ليس حلاً، وأن الانبصال هو الحل. ذلك لأن الانفصال سوف يعيد تدوير عجلة الحرب وعجلة الصراع، وستظل العجلة تدور وتدور مثلها مثل عجلة الولادة والموت عند البوذيين. ثم إن اليمن بالانفصال لن يعود كما كان قبل 22مايو 90. وهذا ما قلته في قصيدةٍ لي بعنوان : "فصل من سيرة الولد الخرافي" وهي قصيدة طويلة كتبتها ونشرتها مع ولادة الحراك الجنوبي.. وهذا مقطع منها: سيكون هناك براميلٌ، وسلاطينٌ، وكراتينٌ، أمراءٌ وشيوخٌ وزعاماتٌ، عاهاتٌ، دولٌ وإماراتٌ، حاراتٌ. من برميلٍ تنشأُ سلطنةٌ، من آخر تطلعُ مشيخةٌ تسطعُ، تطفحُ مزبلةٌ والكلُّ زعيمُ