شهد القرن المنصرم تنافساً حاداً في استقطاب دول كوكبنا الأزرق بين المعسكرين؛ الرأسمالي الذي تقوده أمريكا والإشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي،الذي أراد أحد زعمائه ميخائيل جورباتشوف أن ينفض عنه الغبار بنظريته اعادة البناء ( البسترويكا) ففككه ونفض منه بعض الدول . هذا التنافس انعكس بشكل أو بآخر على الشأن الداخلي في بعض الدول،فحدثت فيهامشاكل وخصومات عديدة،ومنها اليمن بشطريه.الذي شهد صراعات كان بعضها دامي،بسببه لجأ شماليون إلى عدن،وبالمقابل وجدجنوبيون أنفسهم يحلون في ضيافة عفاش الذي اعتبرهم ورقة رابحة،ضمن أوراقه التي ظل يلعب بها طوال فترة حكمه . بعد فشل عملية التوحيل،اجتاح عفاش الجنوب في عام 1994م مستخدماً ورقة الجنوبيين وكذا ورقة أفغان اليمن العائدين من أفغانستان من ضمن قواته،وعلى أثر ذلك عيّن هادي وزيراً للدفاع ومن ثم نائباً له ضنّاً منه أنّه قد ربح البيعة. في عام 2007/م انطلق الحراك السلمي الجنوبي في عموم أرجاء الجنوب،مطالباً بفك الارتباط عن الشمال ورحيل المحتل بدون قيد أو شرط،وهذا بدوره حرّك المياه الراكدة في الشمال،فانطلق هناك حراك شعبي ضد النظام الفاسد فكانت نتائج تلك الاحتجاجات بمجملها هي تنحية عفاش وصعود هادي رأئيساً توافقياً لليمن. لم يروق لعفاش هذا الأمر،فقام بتحريك الحوثيين آخر وأخطر ورقة،من باب عليّ وعلى أعدائي وسهّل لهم السيطرة على صنعاء فوقع هادي رهن الاقامة الجبرية. لكن هادي بما يتمتع به من ذكاء ودهاء وصبر وقّوّة في المناورة والمراوغة،استطاع أن يفلت من قبضة الحوثيين والوصول إلى عدن ومن ثم إلى الرياض عاصمة عاصفة الحزم والعزم،ومن هناك قلب الموازين ولقّم الحنش ذيله فكانت نهاية عفاش بيدالحوثيين بتشكيل الحكومة،مؤخراً،مناصفةً بين الجنوب والشمال،يقف هادي على أعتاب مرحلة جديدة من عمره السياسي الافتراضي ،وهنا نهمس في أذنه إلى أنهاربماتكون الأخيرة،لذا يجب عليه أن يحسن عاقبتها،من خلال التخلّص من علل الماضي،والبطانة السيئةالتي ترى فيه مجرد مظلّةفسادوسلب ونهب واجترار مآسي وأوجاع ورواسب الحُقب الماضية،وأن يتجرد،تماماً،من الأفكارالطوباوية الغير قابلة للتطبيق،وأن يتجنب بالمطلق هوس الزعامةفقدأخذت من قبله رؤوس من أضلهم ذلك الهوس،له فيهم عبرة وعظة،وأن يعلم إن مسألة تحرير صنعاء،أمر غير وارد،وهو كمن يحرث بحراً ليزرع قمحاً،،فقدقضينا سنوات ست لهذا الغرض،أخذت منّا الأب والأخ والولد والعمر والجهد،دماء سالت وأرواح زهقت دونما فائدة وكلمة ( تحرير)صارت بهذاالشكل كلمة( مطاطة)ربما تبتلع الجنوب بره وبحره وبشره،فيجب حصرها بزمن معين،فليس من العدل أن يظل الجنوب هو من يدفع ثمن انقلاب الشمال بينما الشمال لا يريد أن يتحرر،عملاً بالمقولة من تزوّج أمّنا هو عمّنا،وبالتالي يكفي الجنوب مابه من دمار وخراب واحتراب .