(حقائق تعرض لاول مرة مرجعيتها دراسة علمية محايدة اجراها الباحث وحيد الفودعي، ويستعرض الباحث هذه الحقائق على شكل حلقات تجيب على كثير من الأسئلة والجدل الواسع بشأن مشتريات البنك المركزي من العملات الصعبة والوديعة السعودية وما اثير حولها من اتهامات متبادلة شوهت سمعة البنك المركزي اليمني وعرقلت عمله من أجل مصالح ربما تكون شخصية وربما تكون ابعد من ذلك بكثير). الحلقة (1)
التدخل في السوق مفهومه والقوانين واللوائح المنظمة
الخلاصة: عدم وجود نص قانوني واضح، والقصور في النصوص القانونية المنظمة لأعمال البنك المركزي وسياساته النقدية ومنها التدخل في السوق وعدم وجود لوائح تفسيرية لكثير منها، ما خلق خلقت مجالاً للاجتهادات الشخصية والتجاوزات في كثير من تدخلات البنك خلال العام 2018، 2019م، ومنها مشتريات البنك من العملات الصعبة كما سيأتي ذلك في الحلقات القادمة.
في الباب الثالث - الفصل الاول من الدراسة ورد ما يلي:
1. معنى التدخل في السوق من أهم أدوات السياسة النقدية التي يمكن استخدمها لتحقيق الاستقرار في أسعار صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وخصوصاً أمام الدولار الأمريكي، هي تغير نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع بالعملات الأجنبية، وتغير نسب الحدود القصوى لمراكز العملات الأجنبية في المصارف، والتدخل في بيع وشراء العملات الأجنبية من وإلى السوق، وغيرها من الأدوات التي من شأنها العمل على تحقيق استقرار سعر العملة الوطنية.
ونظراً لعدم وجود تعريف للتدخل في السوق في قانون البنك المركزي اليمني قام الباحث بصياغة التعريف على النحو التالي:
(يعني التدخل في السوق: تدخل البنك المركزي اليمني في سوق أسعار الصرف بشكل مباشر او غير مباشر من خلال بعض الأدوات المخولة له قانوناً استخدامها للحفاظ على استقرار سعر العملة الوطنية، وفقاً لأهداف محددة مسبقاً، وبشكل معلن أو غير معلن، والتي من شأنها أن تؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على أسعار صرف العملات واستقرار سعر العملة الوطنية).
2. قانون البنك المركزي والتدخل في السوق
بعد الاطلاع على قانون البنك المركزي اليمني، لم نجد ما يشير صراحة على كيفية تنفيذ كثير من السياسات النقدية والاقتصادية، ومنها التدخل في السوق الذي يعتبر أحد أدوات السياسة النقدية التي تستخدم للحفاظ على استقرار سعر العملة الوطنية، ونبين هنا بعض مواد قانون البنك المركزي اليمني رقم (14) لسنة 2000م التي نصت عن السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف:
1. تشير المادة (5) إلى أن البنك المركزي يمارس عملياته في إطار السياسة الاقتصادية للحكومة، وله في سبيل تحقيق ذلك ممارسة مهام واختصاصات أهمها: رسم وتبني وتنفيذ السياسة النقدية التي تنسجم مع هدفه الرئيسي في تحقيق استقرار الأسعار والمحافظة على ذلك الاستقرار، وتحديد نظام سعر الصرف الأجنبي بالتشاور مع الحكومة، ورسم وتبني وتنفيذ سياسة سعر الصرف الأجنبي.
2. كما تشير المادة (13) إلى أن من ضمن صلاحيات مجلس الإدارة، التوجيه والإشراف الكامل على سياسات وإدارة عمليات البنك، والتقييم الدوري للوضع الاقتصادي والنقدي في البلاد، وتحديد السياسة النقدية للبنك بما في ذلك عمليات السوق المفتوحة، وأسعار الفائدة على الودائع لدى البنك، وأسعار الخصم والقروض المقدمة منه، وتحديد الاحتياطيات ومستوياتها التي يتوجب على البنوك الاحتفاظ بها، وأهم هذه الصلاحيات والتي نحن بصددها، تحديد سياسات وإجراءات أسعار صرف العملة مقابل العملات الأخرى.
3. كما تشير المادة (47) إلى أن البنك يحدد بالتشاور مع الحكومة نظام سعر الصرف الأجنبي ويقوم برسم وتنفيذ سياسة سعر الصرف.
4. كما تشير المادة (48) إلى أن من مهام البنك المركزي، امتلاك واحتفاظ وإدارة الاحتياطيات الأجنبية الرسمية طبقًا لأحكام المادة (50) من القانون، والتي أشارت إلى الاحتياطيات الخارجية ولم تشر إلى الاحتياطيات المحلية.
5. كما تشير المادة (23) إلى أن البنك يحدد بالتشاور مع الحكومة نظام سعر الصرف الأجنبي، ويقوم دون سواه برسم وتنفيذ سياسة سعر الصرف في الجمهورية.
6. كما أوكل القانون إدارة البنك المركزي اليمني للمحافظ وفقاً للقانون والسياسات واللوائح الداخلية المقرة من المجلس ويجوز للمجلس أن يفوض المحافظ ببعض الصلاحيات.
7. كما تشير المادة (15) إلى أن من صلاحية المحافظ إنشاء اللجان الخاصة بتسيير أعمال البنك.
ومما سبق نجد أنه، لا يوجد نص قانوني واضح ينضم عملية التدخل في السوق، وصلاحية المحافظ أو مجلس الإدارة في رسم وتنفيذ هذه العملية، إلا أن الباحث يرى أن عملية التدخل في السوق، طالما وأنها ضمن أدوات السياسة النقدية التي تستخدم لتحقيق الاستقرار في أسعار صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، فإن تحديد إجراءات وسياسات أسعار صرف العملة مقابل العملات الأخرى ضمن صلاحيات مجلس الإدارة وفقاً لأحكام المادة (13) آنفة الذكر، إضافة إلى أن تحديد نظام سعر الصرف يجب أن يحدده البنك المركزي بالتشاور مع الحكومة، مما يعني إشراك الحكومة في رسم وتنفيذ سياسات سعر الصرف.
أما بالنسبة للجنة التدخل فإن تشكيلها من صلاحيات المحافظ وفقاً لأحكام المادة (15)، أما المهام التي توكل إليها فهي من صلاحيات المجلس وفقاً للمادة (13)، لذلك طالما إن مهام اللجنة من صلاحيات المجلس فالأولى أن يتم تشكيلها، والرقابة على أعمالها من قبل المجلس أيضاً وفقاً للقانون.
ويرى الباحث أن عدم وجود نص قانوني واضح أو القصور في النصوص القانونية المنظمة لأعمال البنك المركزي وسياساته النقدية ومنها التدخل في السوق وعدم وجود لوائح تفسيرية لكثير منها، خلقت مجالاً للاجتهادات الشخصية والتجاوزات في بعض تدخلات البنك خلال العام 2018م.
انتهت الحلقة الاولى لنبدأ بعدها الحلقة الثانية والتي ستخصص لتقييم وتحليل مشتريات ومبيعات العملات الصعبة في فترة المحافظ زمام.