قال وكيل البنك المركزي اليمني لقطاع العمليات المصرفية الخارجية إبراهيم النهاري: إن اليمن لا تعتزم في الوقت الراهن وقف التعامل التجاري بالدولار الأمريكي واستبداله بأية عملة أخرى نظراً لاعتماد النشاط الاقتصادي للبلد على الدولار في جميع التعاملات الخارجية. وأوضح وكيل البنك المركزي اليمني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن المصلحة الوطنية والواقع العملي يفرض على اليمن الاستمرار في تعاملاتها التجارية بالدولار. مشيراً إلى أن النشاط الاقتصادي اليمني يتكون من عائدات تصدير النفط التي بلغت خلال 2007م ثلاثة مليارات دولار، والقروض والمساعدات الخارجية، إضافة إلى ميزان المدفوعات والأصول والالتزامات الخاصة، وتمويل فاتورة الاستيراد، ومشتريات الحكومة والقطاع الخاص، وسداد القروض والفوائد المترتبة، وجميع هذه التعاملات تتم بالدولار. وأشار إلى أن قيام البنك المركزي بتحويل تلك الأصول الدولارية إلى أية عملة أخرى سيؤدي إلى تكبيد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة ربما يصعب تحملها. وقال النهاري: إن الريال اليمني ليس مرتبطاً بالدولار كما هو حاصل في كثير من الدول.. مبيناً أن الارتباط يفرض على الدول المرتبطة بالدولار اتباع جميع السياسات الخاصة التي تتخذها الإدارة الأمريكية مثل رفع سعر الفائدة أو خفضها.. مؤكداً أن نظام الصرف في اليمن معوم منذ 1996م في سلة عملات يديرها البنك وفقاً لقانون العرض والطلب. وأشار إلى أن دور البنك المركزي اليمني باعتباره المصدرالرئيس للعملة الصعبة يقتصر على توفير السيولة من العملات الأجنبية وضخها إلى السوق المحلية لتوفير احتياجات الأنشطة الاقتصادية من هذه العملات، والحفاظ على استقرار سعر صرف الريال أمام الدولار من خلال قيام البنك بين الحين والآخر بييع ملايين الدولارات في السوق المحلية. إلى ذلك يؤكد نائب محافظ البنك المركزي اليمني محمد عوض بن همام أن سعر الدولار نهاية 2006م وصل إلى 5، 198ريالاً، فيما يبلغ حالياً حوالي 5، 199ريالاً بفارق ريال واحد خلال تلك الفترة.. مبيناً أن ذلك الاستقرار تحقق بفضل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والمتمثلة برفد سوق الصرف المحلية بحاجته من النقد الأجنبي. وأشار إلى أن مبيعات البنك من العملة الصعبة للسوق المحلية بلغت خلال 2007م ملياراً و268 مليون دولار، فيما بلغت قيمة المبيعات للبنوك والصرافين وسداد الالتزامات الخارجية للحكومة والمؤسسات العامة حوالي ثلاثة مليارات و602 مليون دولار. على النقيض من ذلك يرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن النهج الاقتصادي الحالي للسياسة النقدية التي يتبناها البنك المركزي اليمني غير قادرة على تثبيت سعر الدولار الذي يقترب من 200 ريال.. وأشاروا إلى أن استمرار التعامل التجاري بالدولار سيؤدي إلى تقليص القوة الشرائية للاحتياطي النقدي للبلاد من العملات الصعبة، وبالتالي زيادة معاناة المواطن من غلاء الأسعار. وأكدوا أن الضغوط الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الوطني حالياً والمتمثلة بالارتفاع غير المسبوق في الأسعار، وارتفاع معدلات التضخم الذي تجاوز نهاية 2007م 5، 18بالمائة، وضعف الجهاز المصرفي، وعدم وضوح السياسة النقدية اليمنية، وتآكل الاحتياطات النقدية من الدولار يحتّم على الحكومة اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتحسين وتعزيز قوة العملة الوطنية (الريال) أمام الدولار.. وقالوا: إن التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التعامل بالدولار الذي تتدهور قيمته يوماً بعد آخر، من شأنه أن يضاعف الأعباء على الموازنة العامة للدولة نتيجة تضاعف قيمة فاتورة الاستيراد التي تجاوزت 6، 1 تريليون ريال نهاية 2007م، وعدم الاستفادة من الصادرات المحلية للأسواق الخارجية البالغة تريليون ريال، ومعظمها مواد خام يشكل النفط 95 بالمائة منها. وفيما يشير تقرير مجلس الوزراء عن التطورات الاقتصادية المقدم إلى مجلس النواب نهاية فبراير الماضي إلى أن الزيادة في معدلات التضخم التي تجاوزت العام الماضي 5، 18 بالمائة جاءت كمحصلة لعدة عوامل، أهمها انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأجنبية الأخرى اليورو، الين، الجنيه الاسترليني. ويرى وزير النفط والمعادن خالد محفوظ بحاح أنه على الرغم مما شهده الدولار الأمريكي مؤخراً من تأرجح وهبوط في قيمته، إلا أنه لا يزال قادراً على التعافي.. مشيراً إلى أنه قد يحدث العكس وتهبط عملات أخرى، وذلك لأن الأوضاع الاقتصادية ليست مستقرة على حال. وقال: إن دول الخليج لم تستغنِ حتى اليوم عن التعامل بالدولار باستثناء دولة الكويت التي فكت ارتباطها بالدولار.. لافتاً إلى أن تلك مؤشرات أولية بأن استمرار تعامل اليمن بالدولار ليس سيئاً وليس مضراً على الأقل في الوقت الراهن. من جانبه دعا وكيل وزارة المالية للتخطيط والمتابعة علي مثنى شاطر إلى تشكيل لجنة من البنك المركزي اليمني ووزارتي المالية والتخطيط والتعاون الدولي لدراسة التغيرات في تداول سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى لمعرفة الإيجابيات والسلبيات من استمرار التعامل بالدولار والخروج برؤية واضحة حول العملية. فيما يؤكد الباحث الاقتصادي علي محمد العزي عدم وجود أي مبرر يمنع الحكومة من وقف تعاملاتها التجارية بالدولار، سيما واليمن لاتتعامل تجارياً مع الولايات المتحدة الأمريكية بقدر تعاملاتها مع دول آسيوية، كالصين والهند واليابان والاتحاد الأووربي ودول مجلس التعاون الخليجي. وتشير تقارير الجهاز المركزي للإحصاء عن التجارة الخارجية لليمن خلال 2007م إلى أن حجم التبادل التجاري بين اليمن ودول آسيا بلغ 8، 1 تريليون و6، 418 مليار ريال مع الدول الأوروبية، وبلغ مع دول مجلس التعاون الخليجي 7، 646 مليار ريال، فيما لم يتجاوز التبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية 6، 131 مليار ريال. وبحسب كثير من الاقتصاديين فإن أي تحسن على عملات تلك الدول سينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني الذي يتعامل تجارياً بالدولار.