يعيش اليمني في عالم الغيبيات أكثر من واقعه، يؤمن بأن الأطفال يأتون برزقهم، وطفل بعد طفل يأتون للحياة بلا وطن ولا أي رؤى مستقبلية تحتويهم. من شدة إيمان اليمني بأن الأطفال يأتون برزقهم ينجب بلا حساب ثم يتفاجأ بواقع مختلف، أفواه مفتوحة ومتطلبات بلا حدود، وصعوبة في التربية، وهذا في وطن ما قبل الحرب، فكيف بوطن ما بعد الحرب..! وكي يواجه الواقع يسرحهم بالجولات ويتركهم للشارع يربيهم، وعندما يكتشف حجم مصيبته يتخلص من البنات بالزواج المبكر، ويرسل الأولاد للجبهات إن عاشوا كان بها، وإن ماتوا فسيكون حل إلهي يتناغم مع إيمانهم. يؤمن اليمني بأن الطفل يأتي برزقه ولا يؤمن بحق طفله في أن يعيش بكرامة.. بحقه بأن ينال نصيبه من عناية والديه، لا يهتم تعلموا أو نجحوا بالغش أو الوساطة، فقط يظهر الإيمان عند قرار الإنجاب، وما تبقى يختفي الإيمان المزعوم، وتختفي الحقوق، ويظهر الظلم بكل أشكاله. التناقض صفة أساسية في مجتمع ظاهره الإيمان وسلوكيات لا علاقة لها بالدين ولا بالقيم ولا بالأخلاق الإنسانية، ويبدأ يتشرب الفرد هذا التناقض من البيت، ويصبح جزءاً من عادات وتقاليد مجتمع وتصبغ عليه صفة القدسية. أطفال مجرد رقم عند أهاليهم ليتفاخروا بتكاثرهم هم أيضاً في نظر المليشيات مجرد وقود حرب ليتفاخروا بانتصاراتهم، هم أيضاً مجرد أرقام في كشوف المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني لأغراض في نفس يعقوب، لكن من هم وماذا كانت طموحاتهم، وما كانت أحلامهم؟ لا أحد يهتم..!