توجه الصديق علي الذرحاني , وهو يحمل مواهبه كرسام عرفته عدن واليمن , ومثلها في محافل دولية , وله عدد من المعارض التي ابهرت زوارها , توجه ذلك القلم الرشيق الذي دافع عن عدن ذات يوم من على صحيفة 14 أكتوبر الغناء و وصحيفة الأيام العدنية ,توجه وهو مستشار وزير الثقافة , والذي يسكن عدن لأكثر 25عاما , وتسكنه عدن بكل جوارحه , صمد معها في غزوة الحوثين , وارتحل كغيره من أبناء المعلى لاجئا للمنصورة , عاش معهم مرارة اللجوء , ومعاناة الهروب من الحرب , جاع كما جاعوا , ونام في العراء كما نامو , ويعاني ما تعانيه عدن , وتوجه اليوم لمكتب المحافظ , وهو يحمل مشروع معرض لرسوماته واعماله الفنية , و فيها الكثير ما يعبر عن عدن وتلك المأساة , وصدم بجندي على بوابة المحافظ مهووس كراهية , في حالة متأزمة وصلت لمستوى العنصرية في التعامل مع مرتادي المحافظة . يسأل ذلك الجندي صديقنا الرسام المرهف بالمشاعر الوطنية والإنسانية , انت من فين ؟!!! واستكمل سؤاله (شكلك دحباشي , وانا اكره الدحابشة ), والصورة واضحة في تلك العبارتين , وتعبران مثل هولا هم ضحايا خطاب الكراهية , الذي أعاد تصنيف الناس وفق البطاقة الشخصية , خطاب بدأ يتمخض في 13 يناير , ولأنه ترك دون علاج حقيقي لمأثره على المجتمع والناس , وازداد استفحالا مع حدة الانقسام ما بعد الوحدة اليمنية , وخطاب السلطة الذي لم يعالج الحالة , بل اثارها بالعنف ودعمها سلوكيا وثقافيا , وكانت لحرب 94م اثارها الوخيمة , وما سببته من استهداف مناطقي أيدلوجي لفئة بذاتها , ولد لديها حالة من الغضب والسخط , شكل داعما رئيسي لتستفحل ثقافة الكراهية , وتصنع لنا مثل ذلك الجندي المهووس, عدد من المصابين كراهية واحقاد, كانوا الوعاء الذي امتلئ كراهية واحقاد , في استغلال سيئ بالتحريض والشحن ضد الوحدة والشمال , بينما القضية تخص المنظومة السياسية والثقافية التي دعمت خطاب ثقافة الكراهية , وها نحن اليوم نقطف ثمارها , سقوط قيمي واخلاقي , وانهيار ثقافي واجتماعي ومدني , لنتحول لمجرد وحوش لا احاسيس ولا مشاعر اتجاه بعضنا بعض , تفككت العلاقات والاواصر , وينهار كل شي على رؤوسنا . تضامننا مع الزميل المجروح في مشاعرة المرهفة , وتضامننا مع عدن ومعاناتها من ذلك الخطاب العفن والثقافة القبيحة , معاناة رفضها لكذا سلوك وممارسات , وتضامننا مع وطن يسقط في وحل من الكراهية والعنصرية , تضامن الواثقين انها مجرد مرحلة سيئة من مراحل التاريخ , تصدر مشهدها مصابون كراهية , وعبروا عن ما فيهم بفجاجه وقبح , وأساءوا للقضية وعدالتها , قالوها في خطابهم , وافصحوا عنها في كل منابرهم واقلامهم , وكشفت حقيقتهم وحقيقة رفض العامة لهم ولمثل تلك الثقافة , عبروا ولازالوا يعبرون عن مكنوناتهم , ولكنهم لا يمثلون الجنوب ولا عدن , ويرفضهم الجنوب وترفضهم عدن , والانقسام القائم اليوم هو مخاض نضالي بين ثقافتين , ثقافة التسامح والتصالح والحب والتوافق على وطن يستوعب الجميع دون تصنيف وتعنيف وكراهية , وبين غل وكراهية واحقاد وضغائن , ونفوس لازالت تعيش الماضي بكل سوأته وماسيه , وتعكر الحاضر لتعيق المستقبل المنشود, وما يصح الا الصحيح , وما يحق الا الحق .