بعد ان خطرت على بالي وسيطرت على تفكيري فكرة كتابة هذا المقال وبهذا العنوان كنتُ متأكداً من ان التهم ستنهال علي من قبل الجنوبيين قبل الشماليين فقد يتهمني البعض باني كاتب اجير ويقول اخر ينتمي الى تيار القاهرة ومن ثم سيشبهني البعض بشاعر المديح ...الخ ، لكن في الحقيقة لست في إي من تلك الأوصاف بل ان ما دفعني لكتابة هذا المقال هي تلك الحملة الشعواء التي تشنها وسائل إعلام المحتل من صحف ورقية والكترونية ومواقع الكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ضد شخص الرئيس الجنوبي حيدر ابوبكر العطاس .
علام ترتكز تلك الحملة؟ ولماذا ؟ لم يكن استهداف شخصية الرئيس حيدر العطاس بالأمر الجديد بل لقد تخلل اسمه الكثير من خطابات قادة الاحتلال لأنه كان سبباً في ايقاض مضاجعهم فعلى سبيل المثال لا الحصر سمعنا الرئيس المخلوع علي صالح في احد خطاباته وهو يلقبه بمهندس الانفصال اما الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر فقد قال بأنه رأس الأفعى وكان لتلك الشتائم وتلك التسميات وقع كبير في نفوس الجنوبيين واعتبروها بمثابة أوسمه على صدره لأنها تنم عن كره شديد لتلك الشخصية التي أبت إلا تتمسك بقضية شعبها وأخلصت لها ولم تتقاعس يوماً عن أداء واجبها تجاه وطنها الأمر الذي أدى ارتفاع شأن تلك الشخصية في نظر الجنوبيين ليصبح قائد تاريخي بامتياز . لكن في الآونة الأخيرة تغير شكل ذلك الاستهداف فلان اتهامه بالانفصالي من قبل قيادات النظام السابق زاد من شعبيته بين أوساط الجنوبيين دفع المحتلين الجدد إلى تغيير قالب ذلك الاستهداف ليصبح مبني على تسريبات في أجهزة إعلامهم جميعها تسعى لتشكك بصدفية أخلاصه للقضية الجنوبية وترتكز تلك التسريبات على تدليس وتلفيق تصريحات لم يكن لحيدر العطاس علم بها أو أخبار عن لقاءات مع شخصيات يتخللها أحاديث هي من نسج خيالهم وجميعها تبدءا ب(مصدر مقرب اومصادر في الحراك أو مصدر فضل عدم الكشف عن هويته أو افادت مصادر مطلعه ..الخ) ، وهنا يمكننا الاستدلال بجزء ولو يسير من تلك التسريبات الملفقة التي مازلت أتذكرها :
خلال فترة الشهرين السابقة اضطر المهندس حيدر العطاس إلى نفي أكثر من خمسة تسريبات ملفقة تحاول ان تسوق فكرة ان حيدر العطاس يرغب في المشاركة في مؤتمر حوار صنعاء بشروط أنانية شخصية ..الخ. في صحيفة دنيا الوطن أوردت ان حيدر العطاس يستلم مستحقاته كاملة من الحكومة اليمنية. مقترح دولي بتكليف حيدر العطاس بتشكيل حكومة بشرط عودته إلى صنعاء . حيدر العطاس يلتقي بالشيخ الكثيري في السعودية وتبادلا أطراف الحديث عن مقومات حضرموت كدولة. حيدر العطاس يوافق على نظام الأقاليم بشرط ترأسه إقليم حضرموت. حيدر العطاس انا حضرمي ولست جنوبي ولا يمني .
كل تلك التسريبات لا أساس لها من الصحة وكلها وضعت بشكل ممنهج بهدف تشويه صورتهُ وهز عرش مكانتهُ في قلوب الجنوبيين وبالتالي شل حركتهُ ونشاطه السياسي المؤثر هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تهدف قوى الاحتلال من وراء ذلك إلى توسيع وتعميق الشرخ بين مكونات الحراك الجنوبي السياسي عن طريق إدخال عامل الشك وغرس نبتة عدم الثقة بين شعب الجنوب وقيادته وبين قيادات الجنوب بعضها ببعض ليبقى التخوين والصراع والتشرذم ورفض الآخر هي المصطلحات المسيطرة على واقع المشهد السياسي الجنوبي .
الأمر الخطير في كل هذا والشيء المؤسف ان تلك التسريبات لاقت رواجاً لدى كثير من المواقع الجنوبية التي تتناقلها على أنها حقائق وهذا ان دل على شيء فهو يدل على ان المحتل نجح إلى حد ما في التشويش على الجنوبيين والى حد ما نجح في تدجين والتأثير على عقول البسطاء من أبناء الجنوب . لماذا يستهدفونه دون غيره ؟ حيدر العطاس عُرف عنه بأنه رجل سياسة من العيار الثقيل وقائد إداري مخضرم باعتراف العدو قبل الصديق وعُرف عنه مواقفه وآراءه السديدة في كل المنعطفات وعُرف عنه قدرته على المناورة السياسية ومرونته وما يتمتع به من ذكاء سياسي وقبولاً إقليميا ودولياً ، ويمتلك العقلية الناضجة القادرة على بلورة الفكر الذي يخدم القضية .. وطرح القضية ومناقشتها بلغة دبلوماسية وعقلانية وبكل شجاعة ..لم يكن يوما متخاذلاً ولا محبط ، ظل يحمل هم القضية الجنوبية منذ العام 1994م رغم محاولات نظام الاحتلال المتكررة لجره للاعتذار والعودة إلى اليمن ،ولكنه ظل صامد على مبادئه يناقش ويلتقي ويحاور الجميع في الداخل والخارج ، واستطاع انطلاقاً من إيمانه بعدالة القضية ان يجعل منها صوتاً مسموعاً ولن يكون إلا مع شعبه ووطنه...الخ إذن فهو شبيه بتلك الشجرة المثمرة التي عادة ماتتعرض للرمي بالحجارة.
عرفهُ ساسة صنعاء بأنه الأخطر بين رفاقه من قيادات الجنوب وتنبهوا لهذا الأمر لذا قرروا ضرورة التشكيك بصدفية إخلاصه وتفانيه للقضية الجنوبية وهذا لن يتأتى إلا من خلال استهدافه بحمله إعلامية ممنهجة ، حتى رؤيتهُ السياسية التي تتلخص بفدرالية مشروطة تنتهي بالاستفتاء التي لطالما عتب عليه الكثير من الجنوبيين نتيجة عدم فهمها ورفضت من قبل الشماليين نتيجة فهم مراميها اعتبرها الكثير من دهاه السياسة بأنها محاولة لفعل سياسي يمكن ان تكون (ضربة معلم ) ووصفها عبد الكريم الارياني بأنها الانفصال بعينه وعندما سمع ساسة صنعاء برفض ذلك المشروع في الجنوب رفضاً قاطعاً وصل لحد تخوين من طرحه وجد نظام صنعاء ضالته وظل يعزف على قيثارة التخوين والاستمرار في تسويق تلك الفكرة وهذا ما لمسناه من تلك الحملة الإعلامية الممنهجة ،لذا فهم استهدفوه لأنهم يخشونه وليس حباً بشعب الجنوب.