انتقدت فصائل ما يسمى بالحراك الجنوبي دعوة الرئيس السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء السابق حيدر العطاس للمطالبة بفتح حوار بين الحكومة اليمنية وهيئة الحراك تحت سقف الوحدة، متهمة إياهما بالتخندق في صف السلطة. وعارض عضو هيئة رئاسة مجلس قيادة الثورة السلمية بمحافظة شبوة عارف الرويس إقامة أي حوار من هذا النوع، مؤكدا أن علي ناصر والعطاس لا يمثلان الشعب الجنوبي.
وقال الرويس للجزيرة نت إن "مجلس الثورة السلمية يجمع على أن الوحدة انتهت في عام 1994 وما يجري في الجنوب هو احتلال يسعى الحراك إلى تغييره بالاستقلال الكامل".
أما الناطق الرسمي لمجلس قيادة الثورة السلمية ونائب رئيس المجلس الوطني الأعلى لتحرير الجنوب ناصر العولقي فرأى أن دعوة علي ناصر وحيدر العطاس تجسد رأيهما الشخصي باعتبار أن قيادات الحراك في الداخل يمثلها حسن باعوم وطارق الفضلي وصلاح الشنفرة، وفي الخارج يمثلها علي سالم البيض.
وقال العولقي في حديث للجزيرة نت إن فصائل الحراك الخمسة ترفض أي حوار مباشر مع الجمهورية العربية اليمنية إلا عبر منظمة الأممالمتحدة وتحت إشرافها وعلى أساس شمال وجنوب.
وكانت بعض قيادات الحراك قد اتهمت علي ناصر والعطاس بالسير في خندق السلطة عندما أصدرا بيانا طالبا فيه الحكومة اليمنية وقيادات الحراك بإقامة حوار بينهما دون أن يتطرقا إلى فك الارتباط الذي تنادي به قيادات الحراك.
وفي هذا السياق نفى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء سعود الشاوش اختراق السلطات لناصر والعطاس، لافتا إلى أنهما ضد الوحدة والنظام كما تؤكد مواقفهما المعلنة.
أما الكاتب ورئيس تحرير صحيفة الأهالي علي الجرادي فقد برر تصريحات العطاس المتباينة باعتباره رجل دولة يتعامل وفق رؤية سياسية بعيدة المدى.
وقال الجرادي للجزيرة نت إن العطاس مستعد للوحدة إذا رأى أن في هذا الخيار مكسب رابح، وكذلك يؤيد الانفصال إذا توافرت المكاسب لهذا الخيار.
من جانب آخر كشفت تسريبات صحفية عن وجود وساطة مصرية لإجراء حوار بين الحكومة والقيادات الجنوبية الداعية للانفصال المقيمة في الخارج بناء على تأييد من الإدارة الأميركية التي تشعر بالقلق مما يحدث في اليمن بشكل يفوق ما حدث في عام 1994.
وذكرت صحيفة الأهالي أن مفاوضات سرية أجريت في القاهرة بين الفريقين شارك فيها علي ناصر محمد وحيدر العطاس وعبد الله الأصنج بإدارة فريق من الخارجية المصرية.
وجرى أثناء الحوار مناقشة عدد من المقترحات لحل القضية الجنوبية في مقدمتها اعتماد صيغة الفدرالية مع بقاء الوحدة وتدعيم مبدأ الشراكة الحقيقية في الثروة والسلطة لأبناء الجنوب وتعيين رئيس وزراء جنوبي يتمتع بصلاحيات واسعة.
وفي هذا الخصوص لم يستبعد نائب مدير إدارة البحوث والدراسات بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الدكتور سامي السياغي قيام حوار بين الطرفين نظرا للأزمة التي تمر بها اليمن والتي تستدعي إبداء مرونة أكبر من النظام لاستيعاب القوى التي يمكن أن يشكل وجودها في الخارج وخطابها السياسي مزيدا من التعقيدات.
وقال السياغي للجزيرة نت إن الحوار سينجح في حالة تطابقه مع رؤية السلطة الرامية إلى عودة أبناء الوطن للمشاركة في بنائه بعيدا عن التمترس خلف دعوات الانفصال والتخوين للآخر.
لكن المحلل السياسي محمد الغابري رأى أن قبول هذه القيادات بمبدأ الحوار مع السلطة قد تكون عملية تكتيكية فحسب لإرضاء أطراف إقليمية تربطها صلة وثيقة بهذه القيادات.
ودلل الغابري في حديث للجزيرة نت على هذا الطرح بأنه من غير المنطقي أن يثق العطاس -الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حكومة الوحدة- في السلطة التي لم تلتزم ببنود وثيقة العهد والاتفاق والتي كانت سببا في إشعال حرب 1994.