تتسابق هذه الأيام الكثير من القنوات الفضائية العربية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك في الإعلان والترويج لبرامجها ومسلسلاتها متخذة في ذلك طرق وأساليب ووسائل شتى لكسب رضى وود المشاهد فبعضها يعرض على مدى 30 حلقة وآخر على مدى 40 حلقة والبعض يتجاوز ال 100 حلقة كما في المسلسلات التركية . في بلادنا وخصوصاً في عاصمة أكبر محافظات الجمهورية (المكلا) يستقبل أبنائها هذا الضيف الكريم (رمضان) على وقع مسلسل جديد من مسلسلات الفساد الذي يحمل اسم (طفح المجاري) الذي يلعب دور البطولة فيه قيادة مؤسسة المياه والصرف الصحي التي بدأت هذه الأيام في الترويج والإعلان عن هذا المسلسل من خلال مشاهد الطفح المتكررة في الشوارع.
مسلسلنا هذا لم يحدد في 30 أو 40 أو 100 حلقة بل يستمر وتزيد حبكته وإثارته وتشويقه يوماً عن يوم وأسبوع عن أسبوع وشهر عن شهر ويستمر في العرض حتى ينقذ (رب البرية) بلادنا من الفساد الذي نخر في جسمها واكتوى بنارها المواطن ،ففسادنا لا حدود له ولا سقف له.
مدينة المكلا هذه الأيام تستقبل رمضان ب (طفح المجاري) وما يميزّه تدفقه بغزاره ومداه وتجاهل فرق الطوارئ عن الحضور على الرغم من قيام المواطنين بالتواصل معها لكن تلك الفرق حالها حال الكثير من المؤسسات والمرافق الحكومية التي ضرب الفساد أطنابها ومفاصلها فأصبحت لاتقوى حتى على الرد على نداءات واستغاثات المواطن بل وفي أحيان يطلب بعض افراد تلك الفرق من المواطن قيمة إصلاح المجاري متناسين أن المواطن يقتطع جزءً من مصروفه الشهري على مضض لتسديد رسوم الصرف الصحي سيء الصيت والذكر والسمعة حتى ينعم ببيئة صحية بعيداً عن الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف والأمراض التي تخلفها تلك المجاري .
هذا الوضع يجعل المواطن هذه الأيام يتساءل عن مصير مشروع المجاري الذي استلمت مقاليده إحدى الشركات العربية قبل سنوات وما سببته حفريات تلك الشركة حينها من أضرار فسقط فيها من سقط وتكسّر من تكسّر و(ترعبل) من (ترعبل) ، ضخت خلاله الملايين المملينة على هذا المشروع الذي كتب له الفشل على الرغم من قيام (رجل المياه الأول) في المحافظة بالدفاع باستماتة وفي أكثر من مناسبة عن هذه الشركة وعن المشروع .
المضحك المبكي أن اجتماع للسلطة المحلية بالمحافظة عقد قبل أيام لمناقشة المواضيع التي تهم المواطن (على حد زعمهم) من ضمنها مشكلة المجاري ، لكن وكما جرت العادة للكثير من الاجتماعات واللقاءات والنقاشات التي (كرّست) لخدمة المواطن لا يكتب لها النجاح ولا تتجاوز فعاليتها ومداها حدود(باب) الغرفة التي تحتضن ذلك الاجتماع لأن الأمر مجرد (تلميع) إعلامي فقط لا أكثر .
فهل ياترى يحس مسؤولو الحكم في بلادنا وأصحاب القرار بمعاناة المواطن المثخن بالجراح والآلام والمعاناة ؟ أم أنهم قد ماتت بداخلهم كل ذرة إحساس بتلك المعاناة فالمواطن يكفيه ما يكفيه من بؤس وشقاء ومش ناقص مشاهدة لمسلسلات من هذا النوع.