المزاج الذي تُدار به عقلية اليمني بين ثوري ومُتعصب وديني ومُتأسلم ويساري ومُعتدل كُلها تدور وفق مُعادلة رهيبة تغوص في فوضى من التبعية التي تقود الشارع لمزيد من الاحتقان والانشقاق والصياح وهذا ما تلمسه أنت ك مثقف عندما ترصد هذه الحركة التي أصبحت جُزء من واقع لا ينفك إلا وينفجر ضد كل ما هو صحيح . وكأننا شعب خُلقنا لنرصد ونتتبع أخطاء الآخرين ناسين ومُتناسين أننا نعيش على أرضية من الوحل التي عكرت مزاج حاضرنا ولم نعد نرى في كُل ما يحصل لنا وما تُدار به حياتنا إلا ب مزيد من الصُراخ واللعنات والتي باتت تُطال الجميع ... أؤكد هُنا ك كُل مرة أن السياسة في اليمن وُلدت لخدمة الآخرين والتصفيق لهم وأن هذا المزاج السيئ لم يُقدم لنا شيء سوى مزيدا من تعكير صفو الحاضر ..... ما يحدث في مصر وما حدث في سوريا وفي إيران وحتى في جهنم أصبح يُمثل علينا عبئ كبير وكُل شيء نسقطه وفق مزاج ديني ضيق , وفق مزاج مُفصل على مقاس جماعة أو شيخ أو عشيرة وكأننا وُلدنا لنكون أقنان وتابعين لهم ..... الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها جماعة الإخوان في مصر من تحويل البلد إلى إقطاعية دينية تُدار وفق مزاج المُرشد الأعلى وفق الفلك الذي يدور حوله هي من أطاحت بهم وفقدت مصداقية الشارع الذي خرج في 30 يونيو مُطالبا بإسقاط مشروع الدولة الدينية وب الرغم على تحفظي على طريقة إعلان المجلس العسكري المصري من موقفة المُبكر من حركة تمرد إلا أنني أعتبرها ثورة تصحيحية ل 25 يناير ولكن هذه المرة دون التحالف مع القوى الجديدة التي دارت مشروع الربيع العربي وفق مُربعات تقود في النهاية إلى مُعادلة إِشراك هؤلاء في السُلطة تنفيذا ل مُخططات أمريكية في المنطقة عجزت عن تحقيقها ب تحالفاتها مع الأنظمة القديمة . خرجت مصر عن مُعادلة الرضوخ ل سُلطة التوظيف للدين , ويعد هذا الخُروج علامة قرع ل جرس إنذار لكل القوى اليمينية والدينية في العالم العربي التي تُدار مشاريعها السياسية وفق منهج التبعية والنُصرة لبعض الحمقى مُتناسين مطالب شُعوبهم التي خرجت في ثوراتها وضحت بآلاف الشهداء والجرحى من أجل غد تتساوى فيه المواطنة بين جميع القوى والتيارات السياسية والاجتماعية .... مُسلسل الصُراخ الذي أدروشتنا به فرع الجماعة في اليمن وكأنها دُكان تم إقفال المركز الرئيسي له وبقي هذا الفرع يستنجد بما تبقى لديه من قوى وإعلام ل عودة هذا الخليفة المُمتحن من قبل رب العالمين كي يُخلص هذا العالم العربي من شرور الليبراليين والقوى اليسارية التي باتت تبحث عن موقع لها في خارطة ملغومة بالمُتآمرين ......... لا يجب أن نرتهن وفق ل صُعود أو سقُوط هذا الآخر المليء ب التناقضات , وأؤكد أن لو كان سقوط الجماعة في اليمن لن يحدث كل هذا الصُداع والصراخ في مصر والتحرير ورابعة العدوية ..... الشعوب دائما ما تقيس مصداقيتها في العمل السياسي بناء على واقعها الملغوم وليس بناء على تبعية عمياء ترى فيها مصدر للخلاص وحالة من الانتشاء ل جمع الأحاديث والبدء في تسجيل خُطب تجلد هذا الآخر وتدخله في جهنم وإخراجه من طوره الطبيعي في الحياة والعيش الكريم .... إن ما يحدث اليوم في مصر وبقية الأقطار العربية دليل واضح على أن القوى التي حكمت قبل أو بعد الثورة لا يوجد لديها أي مشاريع وطنية , فقط ما يوجد لديها هو مشاريع دينية مُغلفة ب غطاء سياسي يحتقر هذا الآخر ويلغيه من على الخارطة الوطنية ...
وهذه العدمية هي من أفقدت الثائر العربي بإمكانية إصلاح هذه الأنظمة المتهرئة إلا ب عملية قيصرية صعبة تقضي ب فصل هذا الخطاب النشاز عن أي عملية سياسية يعتلوها حتى يُمكن اعتبار كُل أو بعض هؤلاء ديمقراطيين .... وهذا المزاج السيئ , فاقد الوعي والذاكرة هو من يجعلنا نفقد الثقة فيه مهما حاول أن يُقدم نفسه ك ضحية لأي عملية أو لُعبة سياسية قذرة .... [email protected]