تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    الرئيس الزُبيدي يبحث مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الأوضاع الراهنة في بلادنا وسُبل دعم جهود السلام    الأرصاد يتوقع أمطار رعدية على أجزاء من المحافظات الجبلية ويحذر قاطني الصحاري والسهول من التعرض المباشر للشمس    مصرع واصابة 10 جنود صهاينة بغزة    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين خلال اليوم المفتوح    غليان وغضب شعبي في عدن ومطالبات للحكومة بتوفير الخدمات    عدن تموت في هذا الصيف والحكومة في غيبوبة    الجوف.. مقتل شيخ قبلي وإصابة نجله في كمين مسلح    ورشة عمل حول تحسين وتطوير منظومة الزراعة التعاقدية في محصول التمور    الرئيس الإيراني: هجوم الأمس كان مجرد ردّ فعل على العدوان الأمريكي    ايران تحتفل بالانتصار العظيم    بعد وداع المونديال.. الأهلي يريح لاعبيه 18 يوما    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    وفاة امرأة في عدن جراء انقطاع الكهرباء    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    - عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    أوساكا.. انتصار أول على العشب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    بوساطة قطرية.. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حان وقت الخروج لمحاصرة معاشيق    اليمن تضع إمكانياتها تحت تصرف قطر وتطلب من المغتربين عدم العودة لسوء أوضاع وطنهم    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    تحركات مشبوهة للقوات الأجنبية حول مطار المهرة ..    عربة خدمات ارضية تخرج طائرة لليمنية عن الخدمة    - من هو رئيس تحرير صحيفة يمنية يلمّح بالزواج من إيرانية ؟ أقرأ السبب !    بطولة عدن الأولى للبلولينج تدخل مرحلة الحسم    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حديث الأربعاء) المنصة.. لهؤلاء أولا!
نشر في عدن الغد يوم 09 - 10 - 2013

يومها.. وبشغف كبير، سألت زميلي العزيز الأستاذ علي هيثم الغريب.. كيف تتوقع مستوى الحضور الجماهيري؟.. وقصدت بذلك فعالية يوم 14 أكتوبر 2007م التي تقرر حينها أن تكون في ردفان، وكأول فعالية لمناسبة وطنية عزيزة مع البدايات الأولى لانطلاق مسيرة الحراك الجنوبي السلمي التحرري.. فأجابني الزميل مبتسما: أتوقع حضور ما لا يقل عن الخمسين إلى السبعين ألفا!.. تفاجأت من هذا الرقم التقديري الذي أطلقه زميلي العزيز وأسعدني كثيرا في نفس الوقت، وقلت ربما.. ولعل أن زميلي يبالغ في تقديراته!.. سبعون ألفا؟!!.. هل يعقل؟.. هل من الممكن أن يتحقق لنا هذا العدد الكبير؟!.. وعلى كل حال سنرى.

وفي طريقنا عصر يوم 13 أكتوبر إلى ردفان البطولة والصمود والتصدي.. جاء إلينا اتصال هاتفي بأخبار محزنة جدا تفيد بأن قوات الاحتلال أقدمت على ارتكاب جريمة نكراء في المنصة الخاصة بالاحتفال في الحبيلين، وأن ما لا يقل عن أربعة شهداء قد سقطوا، خلاف الجرحى الذين قدر عددهم بحوالي العشرة من الأبطال.. وأضاف صاحب الاتصال ناصحا أن نعود إلى مدينة عدن على اعتبار أن الوضع الأمني متوتر للغاية!.. كنا مجموعة من الشخصيات التي كان على رأسها الفقيد الحاج صالح باقيس والمناضل أحمد سالم عبيد والسفير قاسم عسكر جبران والزميل علي هيثم الغريب.. وآخرون. وبعد التشاور في الأمر قررنا أن يعود الوالد الحاج صالح باقيس وبن عبيد لكبر سن الأول ولمرض الثاني! لكنهما رفضا وبشدة قرارنا، وأصرا على مواصلة السير معنا إلى ردفان مهما كانت الظروف والخطورة.

وحينما وصلنا إلى هناك.. كانت الساحة التي تقع تحت المنصة مباشرة مخضبة بدماء الأبطال من الشهداء والجرحى، وكانت السيارة التي أطلقت عليها النيران تربض تحت المنصة وآثار الاعتداء البربري الغاشم عليها وعلى ركابها تشهد على هول وجسامة وقبح الجريمة التي ارتكبت بدم بارد.. والحكاية أن المنصة كانت قد سيطرت عليها قوات الاحتلال وأقامت فيها لتمنع الفعالية من الحدوث، ما وضع أبطال ردفان في موقف عصيب ومحرج أمام القادمين من الضيوف إلى أرضهم!.. وفي حين فشلت جميع الجهود لإقناع العسكر بالخروج من المنصة، قررت ثلة من الشباب الباسل التوجه إلى قلب العاصفة ظهر يوم 13 أكتوبر في محاولة سلمية أخيرة لإقناع العسكر بمغادرة المكان الذي يمثل "كرامة ردفان".. و"كرامة الجنوب".. ولأن الأجواء كانت متوترة جدا يومها، ولأن جنود الاحتلال مسكونون بالحقد والعنجهية والهمجية والوحشية.. فلم يترددوا في إمطار وابل من الرصاص الحي على جميع القادمين إليهم على متن سيارة الشهادة.. فكانت المجزرة الكبيرة.. وكانت الملحمة البطولية الأصيلة.

لم يتوقف الأبطال عن الصمود.. أو عن مواصلة السير إلى قلب المنصة التي يقف عليها الخصوم! الذين سيطر على قلوبهم الرعب والخوف جراء صمود الأبطال ومواصلتهم الزحف تجاههم بكل شجاعة وبسالة.. فحل في قلوبهم الرعب!.. وتساقطت أسلحتهم من بين أيديهم إلى أيدي الأبطال الذين أفرغوها من الرصاص وقذفوها عليهم وهم مدبرين.. فارين من المنصة إلى حيث جاءوا من معسكراتهم القريبة.

وكان الجريح البطل ثابت محمد الذي تناثرت عضلات فكه أمامه يوجه المسعفين بإصبعه أن اذهبوا إلى المنصة ودعوني هنا!!.. لأن حرية المنصة في تلك اللحظة كانت أهم لديه.. وأثمن من حياته المهددة بالفناء بفعل النزيف الحاد من فكيه.. وفي نفس الوقت كانت المنصة تشهد سلسلة سريعة من الأحداث البطولية لأبطال حقيقيين.. أسطوريين، كانوا يتسابقون من أجل "كرامة الجنوب".. ومن أجل "حرية الجنوب".. واستقلاله.. ترى هل يمكن لأي منا أن يقارن ما بين هذا السباق الأسطوري المشرف والخطير، وسباقات أخرى مخجلة تحدث الآن على "عضوية" اللجان التحضيرية على سبيل المثال؟!!.. وهل يمكننا أن نقول إن استحضار مثل تلك المشاهد يمكن أن يمد "البعض منا" اليوم بقليل من الحياء.. والخجل إزاء ذلك التسابق الأرعن من قبل قيادات المكونات السياسية على كل شيء؟!.. وهل هناك في الأساس وجه للمقارنة - إلا من باب معرفة الحقيقة - بين هؤلاء من جهة.. وبين متسابقي اليوم نحو منصات الخطابات؟.

إن الموقف الذي هز وجداني شخصيا.. تمثل في قدوم والد الشهيد شفيق هيثم إلى المنصة بعد استشهاد فلذة كبده فورا.. لقد أتى ذلك الرجل النحيل إلى المنصة بثبات.. وهدوء.. واطمئنان.. فظننت للوهلة الأولى وأنا أشاهد الجميع يتجه للسلام عليه أنه سوف يعاتبنا.. أو يلومنا.. وكنا سنتفهم منه ذلك!.. لكنه توجه إلينا.. وبدأ بالسلام علينا واحدا واحدا.. نحن، القادمين من عدن؟ فهمس في إذني أحدهم: إنه والد الشهيد شفيق!.. فاحتضنته بعاطفة جياشه وصادقة.. ثم قالها بأعلى صوته، تلك العبارة المجلجلة التي لا زلت أذكرها، ولن أنساها أبدا: "إني يمكن أن أسمح للكلاب أن تجلس في هذا المكان - ويقصد المنصة - على أن يجلس فيه جنود الاحتلال!.. يفداكم شفيق.. ويفدى الجنوب كله"!.

الله أكبر، ما أعظمه من رجل!.. الله أكبر ما أعظمها من تضحية وما أجلها!.. لم تكن دماء فلذة كبده قد جفت بعد من تراب الساحة إلا وهو يسجل ملحمة إضافية أخرى.. فأين هو اليوم هذا الرجل العظيم؟.. أين أنت يا عمي العزيز هيثم؟.. ترى هل فكر المتسابقون من قياداتنا - أعضاء اللجنة التحضيرية - مجرد تفكير، في تكريم جرحى وأسر شهداء المنصة ليوم 13 أكتوبر 2007م.. تلك الكوكبة التي جعلت الرقم الذي ظننته خرافيا حينما أطلقه زميلي علي هيثم الغريب يصبح حقيقة ماثلة أمامنا يوم 14 أكتوبر 2007م.. ألم تكن تلك المحطة المشرقة في ردفان هي التي أطلقت العنان للحراك الجنوبي لكي يسابق رياح الحرية بعد ذلك ويعانقها في كل مرة.. إني أطالب الجميع وعلى رأسهم اللجنة التحضيرية ليوم 12 أكتوبر 2013م المقررة في عدن بتوجيه الدعوة الرسمية لمن ذكرت للحضور والتكريم على منصة المهرجان في ساحة الحرية بخور مكسر.

نعم.. لم يكن العم هيثم من حملة الشهادات الجامعية.. ولم ينل حظه من الثقافة والعلم.. أو من المال والسلطان، ولكن الله أغناه بما هو أثمن وأغلى من كل ذلك.. لقد أغناه الله بكنز كبير من عزة النفس.. وكنز أكبر من التضحية.. وقدر عال من العلم والمعرفة بمعنى وقيمة الوطن.. ما جعل شهادة ابنه شفيق تبدو رخيصة كقربان للوطن.. عفوا أيها العم العزيز.. عفوا أيها الأبطال إن ساءتكم بعض مشاهدنا اليوم.. لكنه العهد لكم منا أن نبقى في مدارسكم الوطنية الكبيرة نتعلم كل يوم من مآثركم العظيمة!.

*عن صحيفة (عدن الغد) الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.