مشهد استاد الصداقة والسلام في نهائي كأس الاتحاد الآسيوي حيث المدرجات التي تشكو الهجر وتبحث عمن يملؤها في ظل تواجد أعداد قليلة من الجمهور منخفض الصوت صغير السن في معظمه، اثار العديد من التساؤلات خاصة لغير المتابعين للشأن الرياضي المحلي... لماذا غاب المشجع عن المدرجات لمتابعة نهائي ثالث اقوى البطولات في القارة الصفراء رغم انه يقام على الاراضي الكويتية وطرفاه فريقان كويتيان للمرة الاولى في تاريخ البلاد... احدهما يعتبر الأكثر جماهيرية مع الغائب عن المنافسة منذ سنوات وهو النادي العربي؟! الملعب الذي احتضن سهرة السبت الماضي يكاد يتسع لبضعة آلاف لم يتواجد به سوى القليل من المشجعين اغلبهم من صغار السن.
ربما يملك اصحاب الزي الابيض العذر فالنادي لا يملك قاعدة جماهيرية... ولكن ما عذر القادسية بجماهيره التي يفترض انها مع جمهور العربي تشكل القاعدة العريضة للجمهور الرياضي في الكويت؟
غاب جمهور القادسية وغاب المحايدون وغاب حتى من كان يتمنى خسارة اصحاب الزي الاصفر وكان ينتظر منه ان يتواجد لمؤازرة الابيض ليس حبا فيه ولكن على الاقل نكاية في منافسه ولكن.... لم يهتم احد بالذهاب الى العديلية رغم التنظيم الجيد الى حد ما، وتقريبا مجانية دخول الملعب، والطقس الجيد، الذي اقيمت خلاله المباراة،وقبل كل ذلك أهمية الحدث وقيمة المشاركين فيه، فالمباراة بين الفريقين الاقوى حاليا على الساحة الكويتية فكيف يكون الحضور الجماهيري للنهائي الآسيوي الأول بينهما بهذا الضعف والشكل المخزي؟!
لا توجد حجج أو أعذار سوى انه لا أحد يهتم فالمواطن العادي آخر اهتماماته الرياضة... حقيقة تتجسد يوما بعد يوم وانعكست بالسلب على الرياضة الكويتية في كل المجالات وأولها المنشآت الرياضية فلا يوجد من يذهب الى الملاعب المتواجدة حاليا.... لذا فما الداعي لبناء اخرى جديدة؟!
وهنا يجب التوقف وتذكر ان الجمهور العرباوي مازال يشكل حالة خاصة و نكهة مميزة للاماكن التي يتواجد بها فلا يمكن تناسي او نكران حقيقة ان جمهور العربي كان السبب في الضغط لبناء صالة جديدة للعبة كرة اليد عندما امتلأت بهم الصالة الحالية بل منطقة الدعية بأكملها حيث مقر اتحاد اللعبة عندما زحفوا وراء حلم التتويج ببطولة ولم يمنعهم الحالة المزرية للصالة او قلة عدد الاماكن المخصصة لتواجد السيارات عن الذهاب لمؤازرة « الأخضر».... تواجد العرباوية خلف فريقهم مفضلين التشجيع في مكان لا يصلح للرياضة على التشجيع من تويتر!
« العرباوية « حالة استثنائية لا أعتقد انها ستستمر في ضوء مناخ عام يشجع على الابتعاد عن الرياضة برعاية المواطن العادي نفسه الذي ادى ابتعاده عن الملاعب الى تراجع أهمية الرياضة في سلسلة اهتمامات المسؤولين، وليس هناك امثلة افضل من تجاهل المشاركة في الجمعيات العمومية للأندية وضعف نسبة المشاركة في انتخابات مجالس الادارات حتى عندما تم منع اذاعة مباريات دوري كرة القدم في سابقة تحدث للمرة الاولى في الوطن العربي لم يهتم بالأمر سوى اعداد محدودة... فبالرغم من عدم بث المباريات على شاشة التليفزيون طوال عدة اسابيع استمرت الملاعب مهجورة والمدرجات تشكو التجاهل وبالتالي تشجع من بيده القرار اكثر وزاد العناد ولم تحل الأزمة واستمرت حتى وقت قريب، وأصبحت المباريات تقام في اجواء سرية وبالتالي ازداد الخروج عن النص... فلا احد يشاهد ولا يوجد من يراقب ومباراة العربي والنصر وغيرها امثلة كثيرة تعكس المأساة، ولو كان هناك من يهتم وذهب الى الملعب،وامتلأت المدرجات بروادها لكانت ازمة البث حلت خلال ساعات معدودة جبرا وليس اختيارا ولكن الملاعب الخاوية شجعت على التمادي في عدم الاهتمام فلا احد يسأل سوى قلة تعد على اليد الواحدة لا تأثير لهم في ضوء انشغال العدد الأكبر من المواطنين بما هو أهم من الكرة ومن الرياضة بشكل عام.
الرياضة الكويتية يتيمة بالفعل ليس لغياب المسؤول كما يحلو للبعض ان يردد دائما.... ولكن لكونها تشكو التجاهل من المواطن العادي قبل المسؤول فلو كان المواطن يهتم لامتلأت الملاعب وبالتالي اجبر المسؤولين عن البحث عن اماكن جديدة لاستيعاب المشجعين لكن لأن الموجود حاليا من ملاعب لا يجد من يتواجد به فما الداعي لإقامة منشآت جديدة؟!
الملاعب الكويتية في الماضي كانت تملأ بالجمهور ولم يكن من ضمنها سنتياغو برنابيو او الكامب نو او يانز ارينا او ويمبلي بل نفس المنشات وأيضا لم يكن (مع الاحترام للجميع) يوجد بها مارادونا او ميسي بل مجموعة من اللاعبين بالمقارنة مع منافسيهم انذاك والمنافسين في الوقت الحاضر يتبين ان الاجيال الحالية افضل بمراحل... فسابقا لم يكن هناك رياضة تقريبا في اسيا سوى في دول قليلة... على النقيض من الوضع الحالي الذي بات فيه الآسيويون يقارعون نظراءهم في القارة الاوروبية وبات تواجد اللاعب الآسيوي في اقوى اندية العالم شيئا لا يثير الدهشة او الاستغراب.
من المنطقي ان يستمر بناء ملعب للكرة 13 عاما متواصلة ومن المنطقي ان يتجاهل التليفزيون الرسمي نقل مباريات المنتخبات الوطنية و البطولات المحلية طالما ظلت الرياضة لا تشغل حيزا يذكر في اهتمامات غالبية الشعب فمن بين مليون مواطن تقريبا لا يزيد عدد المهتمين بالشأن الرياضي عن بضع آلاف... يوجد من بينهم على سبيل المثال من يعتقد انه المشجع الأول للقادسية وبأشد عبارات الغضب يطالب فواز الحساوي باعتباره رئيسا للنادي بحل مشكلة اللاعب حمد امان وهو لا يعلم ان الرجل ترك القلعة الصفراء بل الكرة الكويتية بأكملها منذ أشهر!
عندما استحدثنا فكرة اعادة نشر «تويتات » المتابعين للشأن الرياضي، لكي نكون حلقة وصل بين أهل الرياضة ومن يهتم بهم وننشر دون تدخل ما يفكر فيه المشجع، تجسدت أمامي حقيقة ان لا اهمية للرياضة بين افراد الشعب فبالرغم من ان الكويت تحتل مرتبة متقدمة في عدد مستخدمي تويتر على مستوى العالم كانت المفاجأة في كون الجميع يتحدث في كل شيء ويعلق على ما يحدث في شتى بقاع المعمورة من القطب الشمالي حتى استراليا ومن الطقس للسياسة للفن للدين لما يحدث في الشارع إلا الرياضة لا يتحدث عنها سوى قلة بعضهم يتدخل في النقاش للمشاركة ليس إلا،دون ان يكون على دراية بما يتحدث عنه، والغالبية يتحكم بهم الحب والكراهية للأشخاص فقط، ويبقى ان جميع من يتابع الشؤون الرياضية ويتحدث عنها ومن توقف التاريخ عنده عندما فاز الأزرق بكأس آسيا قبل عقود ويكتب على مواقع التواصل الاجتماعي دون دراية بما يتحدث عنه اضافة الى من يتابع الدوريات العالمية تعتبر مشاركتهم جميعا على تويتر الخاصة بالشأن الرياضي خلال اسبوع اقل عددا من مشاركات السعوديين خلال ساعات محدودة في «هاشتاق» لقميص سامي الجابر على سبيل المثال!
تويتر كما الملاعب المهجورة كما انتخابات الاندية المنسية يؤكد ان المواطن لا يهتم بشيء اسمه الرياضة.
حتى الأزمة الشهيرة التي اشتعلت منذ 2007 وأدت الى ايقاف المنتخبات الوطنية عن المشاركات الدولية لم يهتم غالبية المواطنين بالقضية الاساسية وانقسموا بين مؤيد ومعارض لأشخاص دون التفكير في الضحية وهي الرياضة.
يبقى ان الحل الوحيد للرياضة الكويتية ولإعادة المواطن اليها هو خصخصتها فلا مكان في 2013 للإداري الذي لا يسأل سوى عن الدعم الحكومي ولا يهمه سوى أماكن المعسكرات الخارجية وما يحصل عليه من امتيازات.
الأمل الوحيد يبقى في القطاع الخاص والمهتمين بالرياضة وتبقى تجربة اسرة الغانم مع نادي الكويت خير مثال،وأيضا تجربة احمد الشحومي مع نادي القرين ومن قبل كانت تجربة فواز الحساوي مع القادسية، ووليد الفليج مع فريق كرة اليد في نادي الفحيحيل، وغيرهم ممن يحبون الرياضة وبإمكانهم توفير الموارد المالية دون انتظار اعانة حكومية او موافقة الهيئة لإقامة معسكر خارجي.. فلا مكان في الحاضر وبالتأكيد في المستقبل «طال الزمن او قصر « لمن لا يزال يفكر في مثل هذه الاشياء ويبرر فشله بالدعم ولا يتكلم سوى عن الدعم ولا يحلم سوى بالدعم. فالحكومة يجب ان يقتصر دعمها علي الاتحادات دون الاندية التي ستتخلص في تلك الحالة ممن ساهم في انهيارها، وحينها فقط سيرتفع المستوى وسيعود الجمهور الى الملاعب وستزداد اهمية الرياضة في المجتمع بشكل عام وبالتالي ستصبح ضمن اولويات الشعب وليس في آخر اهتماماته. نقلا عن جريدة عالم اليوم الكويتية