لا يعرف فلاديمير بوتين أن الفساد والهيرويين يأكلان قلب روسيا، إذ لا يرى إلى العملاء الأجانب والمنحرفين جنسيًا وقراصنة البيئة، يحاربهم كما يحارب طواحين الهواء لا يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعداء خارجيين يتربصون بروسيا في كل زواية، سواء أكانوا عملاء أجانب مدسوسين في منظمات غير حكومية، أو منحرفين جنسيًا عقدوا العزم على إفساد اخلاق روسيا المسيحية، أو قراصنة بيئيين يريدون تخريب عمليات التنقيب الروسية في القطب الشمالي. لكن خصوم الرئيس الروسي يرون أن هذه كلها معارك مفتعلة وإلهاء عن المعضلات الحقيقية في الداخل. وما يجعل تعليق مشاكل روسيا على شماعة الخارج سياسة خطيرة بصفة خاصة هو أن أعداء روسيا الحقيقيين يزدادون قوة وفتكًا كل يوم، من دون أن يواجهوا مقاومة في معاقلهم داخل روسيا نفسها. الأكثر إجرامًا ما من مؤسسة أكثر إجرامًا وخرقًا للقانون من قوات الشرطة وحراس السجون الروسية. ففي الشارع، يغض الشرطي الطرف عن بيع المخدرات علنًا وبكميات كبيرة مقابل رشوة صغيرة. وفي بعض السجون، يتولى الحراس أنفسهم بيع المخدرات وترويجها. ويُبقي حراس الحدود المرتشين أبواب روسيا مشرعة على تدفق كميات ضخمة من المخدرات ليلًا ونهارًا. وفي سجون سيبيريا، تنتقل الحقنة الواحدة بين الردهات ليشترك في استخدامها عشرات النزلاء مثلما يفعل المدمنون بعد ساعة الغروب في الانفاق المؤدية إلى محطات موسكو المزدحمة. ويؤكد خصوم بوتين أن الرئيس الروسي أخفق في حماية روسيا ضد هذه المخاطر الحقيقية، وان البلاد أسيرة حلقة شيطانية وقودها المخدرات التي تجعلها تدور بسرعة استثنائية. وبحسب فايننشيال تايمز، يزيد عدد مستخدمي حقن المخدرات في روسيا اليوم على 1.6 مليون شخص. وعندما تسلم بوتين مفاتيح الكرملين أول مرة في العام 2000، كان عدد المصابين بفيروس أيدز في روسيا يقل عن 100 ألف شخص، وهناك الآن ما لا يقل عن 1.2 مليون مصاب بهذا الفيروس القاتل. وتقول بعض التقديرات أن 5 بالمئة من الشباب الروس مصابون بالفيروس. سياسة أوليغارشية في هذه الأثناء، رصد بوتين 755 مليار دولار لبناء الجيش الروسي وتحديثه خلال السنوات العشر المقبلة. ويُقدَّر أن إقناع أوكرانيا بألا توقع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الاوروبي قد يكلف موسكو نحو 33 مليار دولار. ولكن هذا الإنفاق لن يفعل شيئًا لمكافحة سلالة جديدة اشد فتكا من فيروس الأيدز أخذت تنتشر في سيبيريا ولن يغير شيئا من حقيقة أن عدد الاصابات بالفيروس يمكن أن يتخطى الخمسة ملايين اصابة بحلول عام 2020. وكان عدد المصابين ارتفع بنسبة 12 بالمئة خلال العام الماضي وحده، بحسب فايننشيال تايمز. وتزيد حرب بوتين ضد اعداء وهميين الوضع ترديًا. وتكفي الاشارة إلى أن تحالفه مع الكنيسة الارثوذكسية أسفر عن الغاء التربية الجنسية في المدارس. واصدر بوتين قوانين معادية للمنظمات غير الحكومية وجهت ضربة موجعة للمنظمات الانسانية التي تكافح فيروس أيدز. ونشأت في ظل سياسات بوتين اوليغارشية تنظر اليها الشرائح الفقيرة بمشاعر من الكره، لأنها حققت ثروتها بطرق غير مشروعة، ومن الخوف لأنها تسحق كل من يتحداها. شرنقة بوتين أوجد هذا الوضع تربة صالحة لتنامي العنصرية. فتجار المخدرات يستخدمون فقراء المهاجرين من آسيا الوسطى لترويج بضاعتهم القاتلة. ويعني هذا أن الطبقات الكادحة تتهم هؤلاء المهاجرين بنشر المخدرات والأمراض. وأصبحت أعمال الشغب العنصرية في موسكو ظاهرة مألوفة رغم أنها لا تشكل إلا الطرف الظاهر من جبل الجليد، وتستهدف عصابات عنصرية تجمعات المهاجرين كل ليلة. وشهدت الاقاليم والمقاطعات الروسية عشرات الاعتداءات العنصرية المماثلة. وفي حزام الاورال الصناعي المتداعي، يقود يفغيني رويزمان، عمدة مدينة يكاترينبورغ، عصابة عنصرية تستهدف تجار المخدرات وتخطف المدمنين وترسلهم إلى معسكرات خاصة في ظروف مزرية. ويدَّعي بوتين انه لا يستخدم الانترنت. ونقلت فايننشيال تايمز عن مصادر روسية تأكيدها أن لا أحد يجرؤ على لفت نظر الرئيس إلى هذه الآفات الخطيرة. فالزعيم يعيش حياة تفرد من السباحة الصباحية في برك بلا بشر تحت قصوره ويلعب الهوكي على الجليد ضد فرق لاعبيها من حراسه الشخصييين . ويعيش في حالة انكار غافلًا عن تفشي الهيروين والفساد في مؤسسات الدولة. وازلامه سعداء بإبقائه في هذه الشرنقة، فذلك يجعل سرقة مليارات من الخزينة الروسية مهمة أسهل بكثير