- لم يتم الكشف عن نتائج التحقيقات في جرائم ارتكبت في عدن وكذلك قتل عشرات المشيعين في الضالع. - يجب عل السلطات اليمنية أن تحقق في عمليات القتل وتستعيد تحقيق العدالة والمساءلة - السلطات اليمنية تشكل لجان التحقيق مخالفة للمعايير الدولية - لجان الحقيق المشكلة هم وزراء وضباط ينتمون لذات الاجهزة الضالعة في ارتكاب الجريمة لندن - 23 يناير 2014 صرحت منظمة العفو الدولية في تقرير لها نشر منذ أيام أنه يجب عل السلطات اليمنية أن تحرص على فتح تحقيق شامل ومحايد ومستقل بأسرع وقت ممكن في اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين، أحد أبرز ممثل واحدة من جماعات المعارضة في مؤتمر الحوار الوطني، وأستاذ القانون في جامعة صنعاء، والذي اغتيل صباح يوم الثلاثاء على بعد بضع مئات من الأمتار من إحدى نقاط التفتيش وهو في طريقه لحضور إحدى جلسات مؤتمر الحوار. ولقد وقعت حادثة اغتيال د. أحمد شرف الدين قبل خمسة أيام من اختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني رسميا، وبعد ثلاثة أشهر من اغتيال البرلماني وأحد أعضاء المؤتمر الدكتور أحمد جدبان في صنعاء الذي يمثل نفس جماعة المعارضة. وفي نفس يوم اغتيال الدكتور شرف الدين، نجا نجل عبد الوهاب الآنسي، أمين عام حزب الاصلاح، من محاولة اغتيال استهدفته في العاصمة اليمنية. وفي ديسمبر كانون الأول نجا الدكتور ياسين سعيد نعمان من محاولة اغتيال مماثلة في صنعاء ، ويذكر أنه الدكتور نعمان سياس بارز وممثل للحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمر الحوار الوطني. ولطالما تقاعست السلطات اليمنية عن كشف الحقائق المتعلقة بموجة عمليات القتل ومحاولات الاغتيال ومحاسبة مرتكبيها، لا سيما الهجوم المروع الذي استهدف وزارة الدفاع في ديسمبىر/ كانون الأول الماضي وأدى إلى مقتل أطباء وممرضين وعناصر أمن. كما يتكرر هذا التقاعس في عدم قيام السلطات بفتح تحقيقات مستقلة ومحايدة في حملة اغتيال ضباط الأمن وقتل المدنيين عل أيدي قوات الأمن اليمنية والغارات التي تشنها الولاياتالمتحدة باستخدام الطائرات بدون طيار وغير ذلك من الهجمات. وعقب حادثة الاغتيال التي وقعت يوم الثلاثاء الماضي، سارعت السلطات إل الإعلان عن تشكيل لجنة تعنى في النظر بتفاصيل مقتل شرف الدين ، وتشكيل هذه اللجنة التي تترأسها وزارة الداخلية هو رد السلطات المعتاد عل الحوادث الأمنية الخطيرة. ولقد تم تشكيل لجان تحقيق منذ العام 2012 ولكن لم تفلح أي منها في الكشف عن الحقيقة وتحديد هوية المشتبه بهم وإحالتهم إلى القضاء. ويتمثل العيب الرئيس الذي يعتري جميع لجان التحقيق تلك في افتقارها للاستقلالية والحياد. ويترأس تلك اللجان عادة وزراء أو ضباط أمن رفيعي الرتبة أو كبار مسئولي السلطة التنفيذية، لا سيما أولئك الذين يعملون منهم مع هيئات وأجهزة قد تكون ضالعة في الحوادث الأمنية قيد التحقيق. ويظهر أن انتقاء أعضاء اللجان يتم عل أساس انتماءاتهم السياسية وليس عل أساس الكفاءة والاستقلالية . ومن الجدير بالذكر أن تشكيل اللجان بهذه الطريقة يخالف المعايير الدولية الراعية في هذا المجال. إذ ينص المبدأ 9 من "مبادئ الأممالمتحدة للمنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة" على أن "يجري تحقيق شامل وعاجل نزيه عند كل اشتباه بحالة إعدام خارج نطاق القانون أو إعدام تعسفي أو إعدام دون محاكمة، بما ف ذلك الحالات التي توحي فيها شكاوى الأقارب أو تقارير أخرى جديرة بالثقة، بحدوث وفاة غير طبيعية في ظل الظروف المشار إليها أعلاه". ويوضح المبدأ رقم 10 ضرورة أن تمنح لجان التحقيق جميع الصلاحيات والموارد اللازمة لإجراء تحقيق ناجز وفعال. وفي حال عدم كفاية الآليات القائمة، ينص المبدأ 11 على أن "تواصل الحكومات التحقيق بواسطة لجنة تحقيق مستقلة، أو عن طريق إجراء مماثل ، ويختار لعضوية مثل هذه اللجنة أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية كأفراد، ويكونون بوجه خاص غير مرتبطين بأي مؤسسة أو جهاز أو شخص قد يكون موضع التحقيق، ويكون للجنة سلطة الحصول على جميع المعلومات اللازمة للتحقيق، وتجري التحقيق وفقا لما تمليه هذه المبادئ". ويجوز للدول أن تسعى للحصول عل الخبرات والموارد الدولية في سبيل تلبية تلك المتطلبات. وما الفشل الذريع الذي تواجهه لجان التحقيق في اليمن على صعيد عدم تلبيتها للمعايير الدولية المرعية في مجال إجراء التحقيقات الفعالة سوى انعكاس لإخفاقات السلطات الانتقالية في إجراء إصلاحات حقيقية لقوات الأمن والسلك القضائي. ولا زالت أجهزة أمنية عديدة تعمل في اليمن في غياب رقابة مستقلة فعالة عل البعض منها. كما يعاني القضاء من غياب الاستقلالية الذاتية والقدرات القانونية عمليا ، وإن كان يتمتع بالاستقلال من الناحية النظرية عل الورق. وتثير حادثة الاغتيال التي وقعت يوم الثلاثاء وردود السلطات غير الكافية بواعث قلق خطيرة حيال مدى قدرة الحكومة الانتقالية عل تحقيق العدالة والمساءلة وتعويض ضحايا العديد من قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال ترتكب منذ عام 2011 ، ناهيك عن ضحايا الانتهاكات المرتكبة قبل ذلك التاريخ. كما يثير ذلك مخاوف بشأن احتمال لجوء السلطات في ظل غياب الإرادة السياسية إلى تقديم تنازلات تطيح باحتمال سن قانون يعنى بالعدالة الانتقالية عل النحو المطلوب ويحقق العدالة الفعلية وينهي عقودا من الإفلات من العقاب. وتكرر منظمة العفو الدولية مناشدتها للسلطات في اليمن، بما في ذلك الرئيس عبد ربه منصور هادي، كي تفي بالتزاماتها المترتبة عليها وفق أحكام القانون الدولي، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي لعام 2011 ، وآلية تنفيذها، وقراري مجلس المن رقم 2014 و 2051، وذلك من أجل إصلاح قوات الأمن والقضاء بالإضافة إل جملة أمور أخرى تشمل إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة في انتهاكات حقوق الإنسان مع ضمان اتساقها والمعايير الدولية، وتشكيل هيئة تحقيق في أحداث عام 2011. خلفية في عام 2011 قتل مئات المحتجين السلميين أثناء انتفاضة شعبية أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس اليمني السابق، عل عبد الله صالح. ومهدت تلك الانتفاضة الشعبية الطريق أمام مبادرة برعاية مجلس التعاون الخليجي واتفاق لنقل السلطة يفوض بموجبه الرئيس الجديد و"حكومة مصالحة وطنية" بتنفيذ عملية انتقالية عل مدار سنتين، يتم خلالهما تنظيم أعمال حوار وطني واتخاذ خطوات نحو تحقيق العدالة الانتقالية، وذلك من بين جملة مبادرات أخرى أيضا. وعل الرغم من المرسوم الصادر في عام 2012 بتشكيل هيئة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في عام 2011، فلم تر هذه الهيئة النور بعد. وعل نحو مشابه، فلم يتم بعد صدور قانون العدالة الانتقالية الجديد على الرغم من الانتهاء من إعداد المسودة؛ والتي توفر بدورها بعض أشكال التعويض وجبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الانسان والناجين منها، إلا أن ذلك يقتصر فقط عل الانتهاكات المرتكبة خلال الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني 2011 وفبراير/ شباط 2012 بدل من أن تشمل الانتهاكات المرتكبة منذ عام 1990 كما كانت المسودة القديمة تنص عليه. ولعل هذه القضية تظل مبعث قلق لغالبية ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان. ولقد جوبهت هذه المسودة بالرفض من قبل عدد من الأحزاب السياسية في الحكومة الانتقالية اليمنية، وتم التوصل إلى اتفاق عل سن قانون جديد مبني على التوصيات التي تخرج بها مجموعة العمل المعنية بالعدالة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني. كما نص الاتفاق الانتقالي عل استحداث برنامج لاصلح مؤسسات الدولة من قبيل قوات الأمن والقضاء؛ وأعلنت السلطات عن بدء البرنامج أواخر عام 2012 ، وإن كان بشكل اسمي فقط. وباستثناء إجراء تعديلات على قادة تشكيلات وحدات الجيش وقوات الأمن، فلم تشهد المؤسسات المفصلية في الدولة حدوث الكثير من التغيير فيها على الرغم من أنها مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السابق، وهو ما يشير بغياب الإرادة أو عدم توافر القدرة لدى السلطات اليمنية عل تنفيذ إصلاحات جدية من شأنها استعادة تحقيق العدالة والمساءلة. ولقد أثار ارتكاب انتهاكات جسيمة مؤخرا بواعث قلق حيال مدى كفاءة السلطات اليمنية وتقاعسها عن إتمام أعمال التحقيق في عمليات القتل التي قامت بها قوات الأمن، لا سيما تلك المرتكبة منها في جنوبي البلد. ولقد شكلت لجنة تحقيق للنظر في قيام قوات الأمن بقتل أكثر من عشرة أشخاص وجرح العديد في إحدى المظاهرات الكبىرة في عدن بتاريخ 21 فبراير/ شباط 2013 ؛ إلا أن اللجنة لم تعلن عن نتائج تحقيقاتها حتى الآن، ولم تقم بإحالة القضية إل المحاكم بغية الشروع في التحقيق القضائي والمقاضاة. وعل نحو مشابه، فلقد أظهرت السلطات ردود أفعال غير كافية عل مقتل ما لا يقل عن عشرة من المشيعين السلميين بينهم أطفال، وجرح أكثر من 20 آخرين في الضالع بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما زعمت استهداف مقاتلين مسلحين بين المشاركين في الجنازة ، كما أقدمت قوات الأمن عل قصف إحدى المدارس الحكومية التي تجمع المشيعون بداخلها في جنازة ناشط جنوبي قتل في وقت سابق من ذلك الأسبوع عل أيدي عناصر قوات الأمن. رقم الوثيقة: MDE 31/001/2014