هنا البدايات الاولى للحراك , هنا قتل الجماهير السلمية والبطش بها , هنا مطاردة العزل في الحواري والأزقة , هنا العربدة والبلطجة بأبشع صورها ,هناك مصادرة الرأي الحر وإرهاب الصحافة الحرة , هنا صمود الرجال وإقدام الابطال , هنا الثورة الجنوبية . الخطبة الخطبة والجمعة الجمعة , وكل من عايش بدايات الحراك الاولى يرى بوضوح انما يجري اليوم هو تكرار تراجيدي لنفس السلوك ونفس الافكار ونفس النوايا وان اختلف الشخوص , اصبح الامرد ملتح لكن الحال هو الحال .
ادرك الجنوبيين منذ البداية ان من استورثوا منظومة فساد ( علي صالح) , سيكونون اشد فجراً وأكثر كذباً وأعظم ظلماً وأكثر رخصاً منه , ولم يكن هذا الادراك اعتباطيا بل كان ادراكا واعيا لسيكولوجية هؤلاء الورثة غير الشرعيين , واستكشافاً مبكراً لطموحاتهم غير المشروعة , نتيجة لهذا الادراك فقد ظل الجنوبيين يتوجسون منهم خيفة .
هؤلاء الورثة يحملون نفس جينات ( علي صالح ) الشيطانية , وهم زملائه في مدرسة الفساد , وفوق ما استورثوه من موبقات ( علي صالح ) فلديهم من الموبقات الذاتية المكتسبة ما يجعلهم بحق , اسوأ خلف لأسوأ سلف .
الاعتداء على الاخ ( فتحي بن لزرق ) وإيقاف صحيفة ( عدن الغد ) سلوك مشين وجبان لا يصدر إلا من اناس وصلوا الى حالة متأخرة من الاعياء والانهاك القيمي والافلاس الاخلاقي .
على الرغم من ما سببه الامتناع عن طباعة ( عدن الغد) من صدمة للشارع الجنوبي , اذ بالإضافة الى انها كانت شمعة تضيء ظلام التعتيم الاعلامي الذي يحيط بهم , فإن هذا العمل قد نكأ جرحا عميقا في الروح الجنوبية لا يزال داميا ينزف , هذا الجرح كان سببه الاطباق على رئة الجنوب الاولى التي ظل يتنفس من خلالها اعوام طويلة , ( صحيفة الايام ) .
مع ذلك فأن ما تعرضت له ( عدن الغد) و( الجنوبية ) وما ستتعرض له – على ما يبدو- بقية الصحف الوطنية الجنوبية من مذبحة للأعلام الجنوبي الوطني الحر , ليس إلا غيضاً من فيض ما تكتنزه صدور من يحتلون هذا التراب الطاهر , وبالمقابل فهو لفحة من لفحات ( مؤتمر الحوار الفاشل ) الذي للأسف شارك في التوقيع على مخرجاته بعضاً من سقط المتاع من الجنوبيين الذين اعطوا المحتل اكثر من ما يحتاجه من ما يعتبره ( غطاءً شرعياً ) ليدشن مرحلة جديدة من البطش الشديد بالجنوبيين .
الامتناع عن طباعة صحيفة ( عدن الغد ) وغيرها من الصحف الجنوبية لن يكون الا الوقود الذي سيزيد الثورة الجنوبية اشتعالاً ,,الا يعلم هؤلاء الاغبياء بأن اصدار صحيفة ( عدن الغد) كان احد النتائج المباشرة لإيقاف صحيفة ( الايام ) ؟!!!, فأصبحوا بصحيفتين بدلا من واحدة وبمنارتي اعلام حر بدلا من منارة واحدة , وأضافوا الى قائمة من يقضون مضاجعهم اسماً جديد هو ( فتحي بن لزرق ) .
"استضعفوك فوصفوك هلا وصفوا شبل الاسد " ابو العلا المعري متهكماً ومخاطباً ديكاً وصفه له الاطباء عندما اعياه المرض .
صحف تصدر في الشمال سقفها السماء تقول ما تريد حتى انها اخترقت مكتب ( عبدربه منصور ) وفتشت في ادراج مكتبه , ومع ذلك لا يتعرض له ( منصور ولا اخيه ) ولا حتى بطلب استدعاء , بينما تهدد الصحافة الجنوبية والصحفيين الجنوبيين , ويتم ايقاف الصحف لمجرد انها تحمل هموم الجنوبيين وتشرح معاناتهم .
ثلث محافظات ( ج ع ي) تقريباً تخضع لسلطة غير سلطة الدولة , وتتنازع القوى المختلفة النفوذ والحدود في البلد , فيما صنعاء صمٌ بكمُ عمي ٌ فهم لا يرجعون , وكأن هذا يحصل في مجاهل افريقيا وليس على مرمى حجر من صنعاء .
بينما في الجنوب يتم الاعتداء على الناس صغيرهم وكبيرهم لمجرد انهم حملوا علم بلادهم او حاولوا التعبير عن وجهة نظرهم .
يذكرني هذا الوضع بمقال للمرحوم ( عادل الاعسم ) بعنوان ( تاير مبنشر يا فندم ) يتحدث فيه عن الشمالي – مع العلم ان هذا ينسحب اليوم على المستخدمين الجنوبيين لدى صنعاء - عندما يكون طعانا لعانا ( نخاطا) في عدن , وحقيرا ذليلا في صنعاء .
يقال ان كلب صيد طارد ارنب فلم يستطع ادراكه , فسأله : لماذا لم استطع ادراكك وانا اقوى منك بدنياً , فقال له الارنب " لأني اجري لحساب نفسي وانت تجري لحساب صاحبك " .
لن يدرك المستخدمين لدى صنعاء من الجنوب الا الخزي والعار .